تسبب غياب عُمدة مدينة الرباط، محمد صديقي، ومستشاري الأغلبية بجميع أحزابها، في ضياع دورة استثنائية لمجلس العاصمة كان يفترض أن تُصادق، اليوم الجمعة، على مشروع ميزانية سنة 2020، بعد تأجيلات سابقة. وبسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، اضطر نائب العمدة، لحسن العمراني، إلى رفع الجلسة، وسط غياب لافت لمستشاري الأغلبية من أحزاب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، وهو ما جعل مستشاري المُعارضة يتساءلون عن السبب وراء هذا "الغياب المفاجئ والمتفق عليه". ويعود غياب العمدة صديقي عن هذه الدورة الاستثنائية إلى تواجده حالياً بدولة جنوب إفريقيا لحضور اجتماع لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة العالمية، الذي انتهى عشية اليوم بانتخاب محمد بودرا، رئيس المجلس الجماعي للحسيمة، رئيساً للمنظمة. وتنص المادة 42 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات على أن مداولات مجلس الجماعة لا تكون صحيحة إلا بحضور أكثر من نصف أعضائه. وأوضح لحسن العمراني، نائب العمدة، في تصريح لهسبريس، أن القانون ينص على أن رئيس المجلس يمكنه توجيه دعوة لاجتماع ثان في ظرف 3 أيام على الأقل و5 أيام على الأكثر، وفي حالة لم يكتمل النصاب، يُعقَد الاجتماع الثالث للدورة بعد ثلاثة أيام بمن حضر. وذكر نائب عمدة الرباط في تصريحه أن "التحالف على مستوى مجلس المدينة ما يزال مستمراً، والأغلبية مستمرة ومريحة"، ورفض أن يتحدث عن مبررات غياب مستشاري الأحزاب المشاركة في التسيير باعتباره نائباً للرئيس كُلف بترؤس جلسة الدورة، مُكتفياً بالقول: "رَفعتُ الجلسة لأن النصاب لم يكتمل". عُمر بلافريج، مستشار جماعي بمجلس المدينة باسم فدرالية اليسار الديمقراطي، قال في تصريح لهسبريس: "الأغلبية اتخذت قراراً بعدم الحضور دون تبيان أي مبرر، ما يعني أنها قاطعت دورة استثنائية يفترض أن المكتب المسير دعا إليها". وأضاف بلافريج أن "استمرار مدينة الرباط، عاصمة البلاد، بدون اعتماد ميزانية السنة المقبلة أمر غير عاد"، واعتبر أن "غياب الأغلبية يجعلها مُقاطِعة لدورة دعت إليها، كما أن سفريات العمدة الكثيرة أصبحت تثير مشاكل وتدفعنا للتساؤل ما إذا كان عمدة أو وزير خارجية". يذكر أن جدول أعمال الجلسة الفريدة من هذه الدورة الاستثنائية كان يتضمن عدداً من النقط، من بينها دراسة واعتماد ميزانية السنة المالية 2020، والدراسة والمصادقة على تفويت قطعة أرضية موضوع الرسم العقاري رقم 03/117027 بحي الرياض لفائدة الهيئة العربية للطيران المدني قصد بناء مقر جديد لها، وهو تفويت يعارضه مستشارو فدرالية اليسار الديمقراطي. ويتوقع مشروع ميزانية الرباط لسنة 2020، التي لم يتم اعتمادها بعد، تحقيق مداخيل بحوالي 927 مليون درهم، كما تتضمن أيضاً مقتضى غير مسبوق يتمثل في تطبيق وزارة الداخلية لقرار الاقتطاع المباشر من حصة الجماعة من الضريبة على القيمة المضافة لتسديد قرض حصلت عليه الجماعة سابقاً من صندوق التجهيز الجماعي. ويتضمن مشروع الميزانية هذا المقتضى بناءً على توجيهات لوزير الداخلية تعود إلى 16 يوليوز الماضي، أكد فيها "وجوب الالتزام بمقتضيات الاتفاقية المبرمة بين الجماعة وصندوق التجهيز الجماعي من أجل تسديد القروض". وسيشمل هذا الاقتطاع المباشر حوالي 52 مليون درهم من حصة جماعة الرباط من منتوج الضريبة على القيمة المضافة التي تحولها لها الدولة سنوياً، والتي قدرها مشروع الميزانية ب112 مليون درهم السنة المقبلة. وعادة ما يتم اعتماد مشروع ميزانية السنة المالية خلال دورة شهر أكتوبر الماضية، لكن أشغال هذه الدورة مرت في أجواء مشحونة بسبب اندلاع ملاسنات وصراخ بين بعض مستشاري المعارضة والأغلبية، وذلك خلال أربع جلسات استغرقت ساعات طويلة دون نتيجة تذكر.