في الندوة الصحافية التي عقدها بمناسبة الدخول المدرسي الجاري، عزا وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، سبب لجوء آلاف أولياء التلاميذ إلى نقل أبنائهم من التعليم الخصوصي نحو التعليم العمومي إلى تحسّن جودة المدرسة العمومية، بينما رجّحت آراء بعض المتابعين أن يكون السبب مرتبطا بتراجع القدرة الشرائية للأسر المنتمية إلى الطبقة المتوسطة التي تدرّس أبناءها في التعليم الخصوصي. وفيما كشف أمزازي، لأول مرة، في أولى جلسات الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين خلال السنة التشريعية الحالية، أن عدد التلاميذ الذين انتقلوا من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي بلغ في الموسم الدراسي الحالي 52 ألف تلميذ، يظهر أن تراجع القدرة الشرائية للأسر المغربية له دور أساسي في هذا التحول الجديد للتلاميذ من التعليم العمومي إلى التعليم الخصوصي. يظهر هذا المعطى، بشكل غير مباشر، بين سطور البلاغ الصادر عن رابطة التعليم الخاص بالمغرب، الذي تضمّن، من بين النقط التي وردت فيه، مطلبا موجّها إلى الحكومة يتعلق بدعم الأسَر التي يتمدرس أبناؤها بالقطاع الخاص، معلّلة هذا المطلب بكون "الظرفية الحالية تتسم بتراجع ملحوظ للقدرة الشرائية لمجموعة من الأسر المغربية". التفسيران المقدمان لانتقال 52 ألف تلميذ من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي، أي تحسّن جودة التعليم العمومي وتراجع القدرة الشرائية للأسر، "لا يمكن نفْي أي منهما"، بحسب عبد السلام عمور، رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، مبرزا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن ثمّة معطيات عديدة ينبغي أخذها بعين الاعتبار، وعدم التوقف فقط عند رقم 52 ألفا الذي قدمه الوزير أمزازي. في هذا الإطار، أشار عمور إلى غياب معطيات رقمية حول أعداد التلاميذ الذين انتقلوا من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي خلال السنوات الفارطة، وهو ما يعني، بحسبه، عدم إمكانية معرفة ما إذا كانت نسبة التلاميذ المنتقلين تسير في خط تصاعدي أم لا. ويرى رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب أنه حتى في حال بيّنت الأرقام أن عدد التلاميذ الذين يغادرون مدارس التعليم الخصوصي وينتقلون إلى التعليم العمومي في ارتفاع، فإن ذلك راجع إلى كون نسبة 67 في المئة من المؤسسات التعليمية الخاصة، خاصة في المدن الصغرى، تتوفّر فقط على التعليم الابتدائي، أي إن نسبة مهمة من التلاميذ الذين يدرسون بها ينتقلون إلى التعليم العمومي لاستكمال تعليمهم الإعدادي والثانوي. وفيما تحضّر وزارة التربية الوطنية لإنجاز دراسة حول الأسباب الدافعة إلى انتقال التلاميذ من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي، اعتبر عبد السلام عمور أن أي بحث في هذا الموضوع ينبغي أن ينصبّ على المؤسسات التعليمية التي تتوفر على أسلاك التعليم الثلاثة، الابتدائي والإعدادي والثانوي، مرجحا أن تكون نسبة التلاميذ الذين ينتقلون منها إلى التعليم العمومي ضئيلة، كونُها تتيح لهم متابعة دراستهم إلى غاية الباكالوريا، عكس المؤسسات التعليمية التي لا تتوفر سوى على التعليم الابتدائي. وبالنسبة لمؤسسات التعليم الخصوصي التي تتوفر فقط على التعليم الابتدائي، قال عبد السلام عمور إن "السؤال الذي ينبغي طرحه هو هل هناك حركية للتلاميذ في المستويات الوسطى أم لا، كأن يغادر التلميذ الذي يدرس في المستوى الثاني أو الثالث، مثلا، المدرسة الخاصة لاستكمال تعليمه في التعليم العمومي؟"، موردا: "إذا كان الجواب نعم، آنذاك يمكن أن نقول إن هناك انتقالا للتلاميذ من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي، وإلا فإن المعطيات المقدمة إلى حد الآن شيء عاد". وبخصوص طلب دعم الأسر التي يدرس أبناؤها في التعليم الخصوصي، الذي وجهته رابطة التعليم الخاص بالمغرب إلى الحكومة، أوضح عبد السلام عمور أن "هذا الطلب قديم وليس جديدا، لأن التعليم الخصوصي لا يستفيد من أي دعم، ودعم الحكومة للأسر هو في صالح الدولة، لأنه سيمكّن الأسر من إيجاد مقاعد لأبنائها في المدارس بدل إنفاق الدولة مزيد من الميزانيات الضخمة على التعليم العمومي"، على حد تعبيره.