زائر إقليمكلميم لا بد أن يقف على الواحات الجميلة بجماعات إفران الأطلس الصغير وتغجيجت وفاصك وتغمرت وأسرير، فضلا عن القصبات التاريخية والمتاحف والمواسم الدينية وغيرها من الخصائص والمميزات التي جعلت وادنون قبلة سياحية بامتياز. جريدة هسبريس اختارت ضمن ربورتاج هذا الأسبوع الوقوف على بعض المآثر السياحية والتاريخية والمواقع الطبيعية، التي شكلت طيلة السنوات الماضية قبلة مفضلة للباحثين عن اكتشاف جمال الطبيعة ومحبي الهدوء والراحة وكذا هواة الرياضات الرملية والراغبين في الغوص عبر الأزمنة الغابرة لهذه المنطقة. متحف "تغمرت" شرق مدينة كلميم المعروفة ب "بوابة الصحراء"، وتحديدا على بعد 17 كيلومترا، يقع متحف "تغمرت" الأثري كواحد من فضاءات الذاكرة، التي تؤرخ لحياة وثقافة المجتمع الصحراوي خلال حقب زمنية متفرقة. ويضم هذا الفضاء المشيد على دار أهل بلال قطعا أثرية وأواني معدنية وأخرى خزفية ومخطوطات جلدية وقطعا نفيسة وكل الأدوات التي يمكنها أن تترجم كيفية عيش الإنسان الصحراوي في أزمنة سابقة. متحف "تغمرت" الموجود بجماعة أسرير القروية شكل طيلة عقود من الزمن وجهة مفضلة للراغبين في اكتشاف التفاصيل الدقيقة لأسلوب المعيش اليومي للصحراويين والغوص في عاداتهم وثقافاتهم الغنية والمتنوعة. المجهودات التي بذلها جميل العبد ومبارك التاقي، المشرفان على متحف "تغمرت"، لم تذهب سدى بالنظر إلى الدفعة القوية التي بصم عليها هذا المتحف في مجال التنمية المحلية عبر استقطابه الدائم لمئات الزائرين والسياح من مختلف الجنسيات، فضلا عن انفتاحه المتواصل على البعثات الطلابية والمؤسسات الجامعية ومراكز الدراسات والأبحاث. "أباينو" من بين القبلات السياحية أيضا بإقليمكلميم حامة "أباينو" الموجودة بجماعة أباينو، وهي مشتهرة بمياهها المعدنية الساخنة، التي تصل درجة حرارتها إلى 38 درجة، وهي الإضافة النوعية التي جعلتها محجا لعشرات الآلاف من الزائرين سنويا، موزعين بين باحثين عن الاستجمام وراغبين في الاستشفاء. النشاط السياحي المكثف الذي تعرفه هذه الحامة يدر مداخيل مهمة على المصالح المشرفة عليها، لكن ذلك لم يشفع لها بعد في الاستفادة بشكل معقول من عائداتها، وبالتالي انتشالها من العشوائية التي ما زالت تتخبط فيها، رغم الصيت الكبير الذي تتمتع به على الصعيد الوطني. "أكويدير" قلعة "أكويدير" التاريخية أو حارسة كلميم، كما يسميها الكثيرون، هي جزء من الإرث الثقافي والمعماري لمنطقة وادنون، وهي تعد ملاذا للمهتمين بتاريخ كلميم، باعتبارها حجرة أساس هذه المدينة ومنطلقها الأول. هاته البناية الشاهقة، التي بناها أهل بيروك قديما لمواجهة الغزاة، تحولت اليوم إلى أطلال تقاوم النسيان والاندثار، رغم النداءات المتكررة لساكنة كلميم وفعالياتها، المطالبة بترميمها وإعادة الاعتبار إليها. وللأسف، ما زالت هذه النداءات لم تلق آذانا صاغية تعيد إلى هذه القلعة هيبتها التي اكتسبتها طيلة عقود من الزمن. "أمحيريش" يعتبر سوق "أمحيريش" نموذجا حيا للموروث الثقافي الذي يشتهر به إقليمكلميم، فعلى امتداد مئات السنين تمكن هذا الفضاء ذو الطابع التجاري من لعب أدوار مهمة في المجال السياحي، مما بوأه صدارة الوجهات السياحية بالجنوب المغربي، حيث يستقبل بشكل أسبوعي أعدادا كبيرة من الوافدين عليه من مناطق سوس والصحراء. ويتميز "أمحيريش" برواج كبير في تجارة الأبل مقارنة بغيره من الأسواق المجاورة له، مما جعله صامدا أمام كل التغيرات التاريخية، مجسدا بذلك رباطا وثيقا بالحضارة الوادنونية، التي ظلت منذ القدم نقطة التقاء القوافل العربية والإفريقية. البنية السياحية أحمد عزيز، مهني في قطاع النقل السياحي، قال لجريدة هسبريس: "إلى الأمس القريب كنا نجد صعوبة كبيرة في إقناع السياح الأجانب بزيارة مدينة كلميم ونواحيها بسبب البنية السياحية التي كانت شبه منعدمة بهذه المناطق". قبل أن يستدرك قائلا: "تعزيز البنية التحتية لإقليمكلميم مؤخرا بالمنتجع السياحيoasis palm ، الذي يعد مزيجا بين العمق التاريخي للمنطقة وغناها الثقافي وقربه من المواقع الطبيعية الجذابة، بدد مشاكلنا، كمهنيين وفاعلين في القطاع، ومعه استطاعت وادنون أن تحجز لها مكانة مهمة ضمن الوجهات السياحية بالجنوب المغربي، نظرا للدفعة النوعية التي أعطتها هذه الوحدة لقطاع السياحة بوادنون". وختم أحمد عزيز تصريحه قائلا: "إلى جانب كلميم تمتاز جل مدن الصحراء المغربية بمميزات هامة بإمكانها منافسة أشهر المحطات السياحية على المستوى الدولي. لكن للأسف دائما يبقى مشكل البنية التحتية عائقا كبيرا أمام هذه التحديات في علاقتها بالجهات المسؤولة، التي تعمل في أغلب الأحيان على عرقلة استثمارات من هذا النوع عوض تشجيعها، ولعل أكبر مثال على ذلك هو منتجع وادي شبيكة بنواحي طانطان الذي تم إقباره في مراحله الأولى".