دفعت ردود الأفعال الواسعة في أوساط المهنيين والحقوقيين الحكومة إلى التراجع عن المادة التاسعة في مشروع قانون المالية لسنة 2020 التي تقضي بعدم إمكانية الحجز على ممتلكات وأموال الدولة، وهو المقتضى الذي اعتبره محامون وقضاة "يُخالف التوجيهات الملكية، ومسا واضحا بمبدأ فصل السلط واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية". وأقرت الحكومة، على لسان وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، بخطأ إدراج المادة التاسعة ضمن مشروع قانون المالية قبل معالجة إشكالية إخضاع ممتلكات الدولة والجماعات الترابية للحجز بشكل شامل. وأوضح المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان، أنه "للأسف تمت إحالة المادة التاسعة بشكل آخر، علما أن رئيس الحكومة سبق أن كلفني منذ أكثر من سنة بمعالجة هذا الموضوع معالجة شاملة". وزاد المسؤول الحكومي، خلال استضافته ببرنامج "شباب فوكس" على قناة "ميدي 1 تيفي": "كانت هناك لجنة وزارية انبثقت عنها لجنة تقنية اشتغلت، وأنجزت مشروعا متكاملاً؛ لأنه لا يمكن معالجة تنفيذ الأحكام القضائية إن لم نعالج أولا إصدار القرار الإداري، الذي يؤدي إلى إلغاء القرارات الإدارية وما يترتب عنها من نتائج على مالية الدولة". وتتجه الحكومة إلى إضافة تعديلات على قانون المسطرة المدنية خلال المجلس الحكومي المقبل للملاءمة بين واجب تنفيذ الأحكام القضائية وبين استمرارية المرفق العام، قبل سحب وزير المالية المادة التاسعة من مشروع قانون المالية التي أثارت جدلا واسعا. واعتبر قضاة المملكة، المنضوون تحت لواء "نادي قضاة المغرب"، أن ما ذهبت إليه حكومة العثماني، من خلال المادة التاسعة، "يشكل مسا واضحا بمبدأ فصل السلط، واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما هو منصوص عليه في الفصلين 1 و107 من الدستور". وندّد القضاة، الذين خصصوا اجتماع مكتبهم التنفيذي لتدارس هذه النقطة، بمضامين المادة المذكورة، معتبرين إياها "آلية تشريعية لإفراغ الأحكام والمقررات القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية من محتواها وإلزاميتها؛ خلافا للفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور، الذي ينص على "أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع"، دون تمييز بين أطراف الدعاوى المتعلقة بها".