النساء .. الخاسر الأكبر في حكومة بنكيران منذ إطلالة الوجوه المستوزرة في حكومة المغرب الجديدة زوال الثلاثاء 3 يناير2012، والحديث يتركز على إشراقة وجه نسوي واحد ضمن التشكيلة الوزارية، والتي كانت من نصيب الأستاذة الباحثة والبرلمانية بسيمة الحقاوي، ورغم أن الحكومة الجديدة يقودها حزب يسير دواليب الحكم لأول مرة ، واقترح وجوها شابة وقيادية معروفة ، وحدد خارطة طريق مع حلفائه في الأغلبية ، ودشن مجلسه الحكومي الأول صبيحة الخميس 5 يناير بخطاب صريح / مقدمة واضحة تلاها رئيس الحكومة أمام فريقه الحكومي وأذاعت بعض القنوات الرسمية مقتطفات منها على الرأي العام، رغم هذا وغيره كثير من مؤشرات تدعو للانتظارية والتريث و " الهدنة " بتعبير الصحافي اللامع توفيق بوعشرين، سارع العديد من المعارضين لاصطياد هذه الهفوة التي يبدو أنها غير مقصودة ، وبالتالي لتوليد جملة من الاستنتاجات المسبقة والإشارات الأولية التي تنبئ حسب متنبئة المعارضة ببداية السقوط للحكومة الملتحية بتعبير أحدهم. فطومة النعيمي كاتبة في جريدة الأحداث المغربية تقول يومه الخميس ما نصه:" امرأة وحيدة ضمن حكومة تتألف من 31 وزيرا، إنه تقهقهر مدوي على درب ديمقراطية قيد التأسيس دشن لها دستور 1 يوليوز 2011." وفي سياق حكم ينضح بالتأويل غير المسدد والقراءة الصحفية المبسطة يقول عبد المنعم دلمي صاحب صحيفة الصباح ما نصه:" ثانيا، وهذه أول ملاحظة ذات بعد سياسي، نرى أن الحكومة الجديدة تضم امرأة وحيدة، وهو ما يمكن اعتباره تراجعا كبيرا مقارنة مع الحكومة السابقة. نحن نفترض حسن النية، ولا يمكن أن نرجع الأمر إلى «توازنات سياسية» معينة، وما نتمناه هو ألا يكون هذا مؤشرا على تراجع مسلسل تأهيل المرأة المغربية... على أي حال، هذا يعني أن أحزاب التحالف الحكومي لم تقتنع بأهمية دور المرأة." إن هذه الملاحظات والتعليقات وغيرها مما صدر عن بعض الحركات النسائية بلغة أكثر حدة وتعنيف يجعل المتتبع يتساءل عن المعايير التي يتولى بها المرشحون والمرشحات الولايات العامة بل وغيرها من المناصب والوظائف، هل هي مقاربة الكفاءة والجودة أم مقاربة النوع والتفييئ؟ وهل الولايات العظمى والمناصب والوظائف السامية وغير السامية تكاليف للنهوض بالمسؤوليات العامة وتدبير الاستراتيجيات لحفظ البلاد وصيانة الأمة والمال العام أم هناك رأي آخر ولعله كائن؟ من يعايش الحياة العامة ومن يُدرس في المؤسسات والجامعات يدرك كم تتفوق الأنثى على الذكر في النتائج والتقويمات الإشهادية, بل إننا في بعض المعاهد المتخصصة والكليات الدقيقة لا نجد ذكرا واحدا في القسم. ولا يراودنا شك في ذلك لأن نزاهة التقويم تستلزم منك أن تقبل بالنتائج النهائية التي يغيب فيها الذكور أو على الأقل تقل نسبتهم أمام الحضور المكثف للعنصر الأنثوي المتفوق، وليس هذا مقام تحليل هذه الظاهرة التي تحتاج إلى مزيد دراسة. إن المرأة بقدراتها المعرفية وكفاياتها المهنية وسمو ورهافة أخلاقها لا برقمها وعددها في القسم أو الكلية أو المؤسسة أو الوزارة أو الحكومة. قد يكثر عددها في حكومة وقد يقل في أخرى وقد يغيب بالمرة، لأن العبرة بالنجاح في القيادة والإدارة والتدبير ورفع التحديات والصعوبات ، وليس بالإسفاف في النظر إلى هذا العنصر الهام/ المراة في بنيان الأمة ولحمتها، وادعا ءِ الدفاع عنها ومحاولةِ إظهارِ التجني والتراجعِ عن المكتسبات؛ الأمرُ الذي قد يوحي للبعض أن الموضوع يلتحف هذا اللحاف لكنه يستبطن البعد الحقيقي المختزِل للمرأة في تأثيث المشاهد المرئية وتسويق الوجه الحضاري المغربي في حلة الحداثة والعصرنة، والحال أن البلاد تحتاج في هذه اللحظة بالذات للمرأة التنموية القوية التي تسهم إلى جانب أخيها الرجل في التغيير والبناء ومواصلة أوراش الإصلاح دون إسفاف لنوعها وجمالها وخصوصيتها. وحينما تجيل نظرك في وزراء الحكومات المجاورة للمغرب عربا وعجما تجد الأمرَ نفسَه،أي إن استوزار المرأة ليس خطا أحمر، بل إن مسيرة التحديث والعصرنة لا تقبل البتة العودة للوصاية والذكورية ، بل الأوانُ أوانُ جد وجرأة وإصلاح حقيقي، ولا تجد في إسبانيا مثلا مثل هذا الضجيج الذي نسمعه اليوم في بلادنا عندما طبق سباتيرو المناصفة في حكومته السابقة 8 نساء و8 رجال، وخرج مهزوما في الانتخابات الحالية ،ظهر راخوي بثلاث وزيرات من ثلاثة عشر وزيرا، وكان الأمر عاديا جدا... إن المحاصصة قد تصلح في سياق ما وقد تُقبل في ظروف معينة، لكن النوع " ذكر / أنثى" ينبغي التعامل معه بالنظرة الشمولية والحرية الكاملة للفرد في تحمل الولايات العامة ذكرا كان أو أنثى ، ويبقى للشخصية الكفأة والمقتدرة الحق في التباري والتنافس، مع احترام المعايير و"البروفايل" المطلوب. ونختم في الأخير أن الوزيرة بسيمة الحقاوي عبرت بعد خروجها من أداء اليمين أنها متأسفة لعدم وجود رفيقة لها في التشكيلة الحكومية،وهكذا هي المرأة دائما تحِن لمجاورة أختها لها ولو في المجلس الحكومي الأسبوعي. إن الوزيرة الوحيدة في حكومة بن كيران قيادية ٌ بارزة في العمل النسائي والاجتماعي والسياسي، ولاشك أنها ستضع بصماتها على قطاعها خاصة أنها اشتغلت في أطروحتها للماجستير المطبوعة على ظاهرة التسول بالمغرب، ونتمنى أن تسعفها الحكومة بميزانية تستطيع بواسطتها أن تفعل طموحاتها ومقترحاتها للقطاع الذي أُسند إليها.