الأيّام الثلاثة الفائتة كشفت توجّساً جزائرياً داخلياً عقبَ تصريحات عمار سعداني، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الحاكم بالجزائر، والتي أكّد فيها أن "الصحراء مغربية وليست شيئا آخر، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين"؛ خاصةً أنّ الأمر يتعلّق بشخصيةٍ سياسية نافذة تقلّدت مناصب هامّة في هرمِ الدّولة. ولم تدبّج القيادة السّياسية في الجزائر أيّ موقفٍ رسميّ بشأن هذه التّصريحات القوية التي انتصرت للعلاقات المغربية الجزائرية على حسابِ المواقف الضّيقة للمؤسسة العسكرية التي لها قراءة "سياسية" لنزاع الصّحراء المغربية. وتأتي تصريحات سعداني المقرب من رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح لتختبرَ جدية الموقف الجزائري من المبادرات المغربية التي لطالما مدّت اليدَ للجار لتجاوز الخلافات. وإذا كانت هيئات جمعوية وثقافية جزائرية سارت في اتجاه تدْعيمِ تصريحات سعداني التي وضعت حسابات "السّياسة" جانباً وانطلقت من التّرابط الشّعبي التّاريخي بين المغاربة والجزائريين، منتصرةً بذلك لمغربية الصّحراء، فإنّ عبد العزيز مجاهد، الجنرال الجزائري المتقاعد، له قراءة معاكسة لما جاءت بهِ تصريحات القيادي البارز في "حزب بوتفليقة"، إذ وصفهُ بأنه "أداة من أدوات العصابة في الجزائر". وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، شدّد القائد السابق للقوات البرية في الجيش الشعبي الوطني أنّ "كلام السّياسي الجزائري عمار سعداني يصدر من جاهلٍ يجهلُ التّاريخ، ومن شخصية برزت في زمن الأقزام"، مورداً أنّ "سعداني جاء به بوتفليقة خلفاً لكريم يونس، رئيس المجلس الوطني الشعبي سنة 2002". ورغم أن السّياسي الجزائري سبق له أن ترأس المجلس الشعبي الوطني من 2002 حتى 2007، وهو عضو بارز في "حزب بوتفليقة" ومقرّب من مركز صانعي الجزائر، فإنّ العسكري الجزائري المتقاعد اعتبر كلام سعداني "ينمّ عن غباوة". واعتبر الجنرال المتقاعد في التصريحات ذاتها أن الجزائر ماضية في مسار إرساء دولة الحق والقانون، وستعمل على تحقيق مطالب الشّعب، مبرزاً أنّ "خرجة سعداني غير مفهومة، خاصة أن البلاد تمر بمخاض الانتقال الديمقراطي". وكان سعداني أكد أن "الجزائر التي تدفع أموالا كثيرة للمنظمة التي تُسمى البوليساريو منذ أكثر من 50 سنة دفعت ثمنًا غاليًا جدًا، دون أن تقوم المنظمة بشيء أو تخرجُ من عنق الزجاجة". وأضاف سعداني، في حوار مع جريدة "TSA" الجزائرية، أن "العلاقة بين الجزائر والمغرب أكبر من هذا الموضوع، والظرف الآن مناسب، لأن هناك انتخاب رئيس جديد وتغيرا في النظام التونسي، والجزائر مقبلة على انتخابات، وهناك تغير في النظام، كما أن ليبيا تعيش تحولًا، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إعادة إحياء الاتحاد المغاربي".