زلزال سياسي في الجزائر وتندوف بعد تصريحات عمار سعداني، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الحاكم بالجزائر، والتي أكد فيها أن "الصحراء مغربية وليست شيئا آخر، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين". وخيمت الصدمة على قيادات الصف الأول بجبهة "البوليساريو"، خصوصا أن حزب جبهة التحرير الوطني لم يخرج بأي توضيح ردا على تصريحات سعداني التي انتصرت للعلاقات المغربية الجزائرية وملف والاتحاد المغاربي. واعتبر العديد من المتتبعين للعلاقات المغربية الجزائرية أن تصريحات سعداني تُخفي وراءها تحولات إيجابية في الموقف الجزائري تجاه ملف الصحراء المغربية مستقبلاً، لا سيما أن سعداني مقرب من رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الرجل الذي يصنع ملامح مرحلة جديدة في الجارة الشرقية. وتكمن قوة تصريحات السياسي الجزائري كونه سبق أن ترأس المجلس الشعبي الوطني من 2002 حتى 2007، وهو عضو بارز في "حزب بوتفليقة" ومقرب من مركز صانعي الجزائر. في مقابل ذلك، هناك من يرى أن تصريحات سعداني قد تدخل ضمن حرب تصفية الحسابات والملاحقات التي طالت رموز النظام السابق. ولم يستبعد أكثر من مصدر متتبع للشأن الإقليمي بالمنطقة أن يكون موقف القيادي الجزائري بمثابة توظيف لملف القضية الوطنية في سياق حرب تصفية الحسابات في هرم الدولة الجزائرية. وتأتي تصريحات سعداني على بعد أقل من أسبوع من تجاهل وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أي إشارة لقضية الصحراء في لقاء جمع وزير الخارجية الجزائري ونظيره الإسباني الذي أجرى زيارة إلى الجزائر. ويُعد تجاهل الجزائر لملف الصحراء خلال اجتماعها مع إسبانيا، سابقة من نوعها، خصوصا أن ملف الصحراء كان حاضرا دائما في المشاورات السياسية بين الجزائر ومدريد، وإذا علمنا أيضا أن إسبانيا عضو بارز بمجموعة أصدقاء الصحراء بمجلس الأمن الدولي. مواقع إعلامية تابعة لقيادات جبهة "البوليساريو" عبرت عن خيبة أملها في تجاهل الاجتماع الجزائري الإسباني لملف الصحراء، وهو ما ترك انطباعا لدى المتتبعين بأن ملف الصحراء لم يعد مهما للجزائر في ظل التحولات التي يعرفها هذا البلد. وكان سعداني أكد أن "الجزائر التي تدفع أموالا كثيرة للمنظمة التي تُسمى البوليساريو منذ أكثر من 50 سنة، دفعت ثمنًا غاليًا جدًا، دون أن تقوم المنظمة بشيء أو تخرجُ من عنق الزجاجة". وأضاف سعداني، في حوار مع جريدة "TSA" الجزائرية، أن "العلاقة بين الجزائر والمغرب هي أكبر من هذا الموضوع، والآن الظرف مناسب، لأن هناك انتخاب رئيس جديد وتغيرا في النظام التونسي، والجزائر مقبلة على انتخابات، وهناك تغير في النظام، كما أن ليبيا تعيش تحولًا، وهذا يمكن أن يؤدي لإعادة إحياء الاتحاد المغاربي". وأوضح القيادي البارز في حزب بوتفليقة أن "التكتل مطلب صادر عن قدماء جبهة التحرير، وأيضًا الأحزاب الوطنية في كل من المغرب، الجزائر، تونس وشمال إفريقيا"، مسجلا أن "موضوع الصحراء يجب أن ينتهي وتفتح الحدود وتُسوى العلاقات بين الجزائر والمغرب لأن الأموال التي تُدفع لمنظمة البوليساريو، والتي يَتجَوّل بها أصحابها في الفنادق الضخمة منذ 50 عامًا، سوق أهراس والبيض وتمنراست وغيرها أولى بها".