قال عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، إنّ "التّعديل الحكومي يُجيب عن انتظارات الملك"، محذّراً من "مطبّات حدوث رجّات كبيرة داخل الحكومة، لما لها من تأثير خطير على مؤسّسات الدّولة والشّعب". وشدّد الأستاذ الجامعي، في دردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، على أنّ "التّعديل الوزاري كان بسبب الارتباك الذي لازم عمل الحكومة، وهو ما دفع الملك إلى التّدخل لتغيير هيكلتها وتجاوز التعثرات التي سقطت فيها، خصوصاً أنها كانت تتكون من ستّة أحزاب، وهو ما أثّر على انسجامها الدّاخلي". وينطلقُ المحلّل السياسي من الوضع الحكومي الدّاخلي ليبرّر خطوة الملك محمد السّادس المتمثلة في المطالبة بتطعيم الحكومة بكفاءات وطنية، "إذ كانت هناك صعوبة في إقناع باقي الفرقاء باتخاذ القرار المناسب، وهو ما أثّر على حسن تنفيذ السياسات العمومية والبرنامج الحكومي". واعتبر الجامعي أنّ "التعديل الحكومي كان منتظراً، سواء من قبل قمة هرم الدّولة أو من قبل الشّعب"، مؤكداً أنّ "الأمر يتعلق بحكومة جديدة قائمة بذاتها تم تشكيلها نتيجة بطء الأداء الحكومي وتعقّد عملية اتخاذ القرار، إذ كان لزاماً تعديل بعض القطاعات وإدماج بعضها وخلق انسجام بين المكونات بإدخال وجوه جديدة وإعطاء نفس جديد للعمل الحكومي". وقال بنخطاب في هذا الصّدد: "التعديل هدفه إعطاء نفس جديد للعمل الحكومي الذي يصيبه تكلّس وخمول، وبالتّالي كان لزاماً أن يتم إدخال وجوه جديدة لإضفاء المشروعية والدينامية على العمل الحكومي"، مقراً بأنّه "يجب تطعيم الحكومة بوجوه جديدة بحكم وجود مشاريع ملكية قائمة تنتظر بدء التّنفيذ منذ الحكومة السّابقة". وزاد المتحدث ذاته: "تنفيذ هذا المشروع الملكي الذي هو النموذج التنموي كان سيلقى إشكالاً بالنّظر إلى عجز الحكومة عن أداء مهامها بشكل سليم، وعدم قدرتها على ابتكار أساليب جديدة لتنفيذ أجندات الدولة"، مبرزاً أنّ "المغرب يعيش في مفترق الطرق لأن النموذج التنموي الذي كان سائداً أصبح متجاوزاً". وفي المنحى ذاته، يشير الأستاذ الجامعي إلى أنّ "التعديل الحكومي سيساهمُ في ترشيد النّفقات والتكلفة السّياسية وعقلنة العمل الحكومي، بما يتيح تنفيذا أفضل للتوجهات الملكية"، مشدّداً على أنّ "أيّ تعديل حكومي هو رهين بنمط الاقتراع السّائد في البلاد، حيث الاقتراع النّسبي الذي يعطي تمثيلية نسبية حسب الحجم الانتخابي وعدد المقاعد للأحزاب". وعن الخاسرين في هذا التعديل، أكد بنخطاب أنّ "الأحزاب الصغيرة هي الخاسرة لأنه في كل الأحوال تبقى الأحزاب الكبيرة قوية بقطاعات وزارية مهمة؛ بينما التّمثيلية النسوية شهدت تراجعاً في الحكومة، إذ إنّ عدد الحقائب لا يليق بطموحات الدّستور الذي ينص على المناصفة". وتوقف المحلل عند إسناد وزارة التشغيل إلى كاتب عام شبيبة حزب العدالة والتنمية، واعتبر ذلك بمثابة "اعتراف بدور الشّباب المسيّس وقبول إدماجه داخل العمل الحكومي في انتظار توسيع القاعدة العددية للنساء والشباب في الحكومات القادمة". وأشار بنخطاب إلى أنّ "التجربة المغربية هي نتيجة لمسار طويل من التحولات داخل النّسق الإصلاحي العام"، مؤكداً أنّ "هناك إصلاحات ممتدة في الزمن ومؤطرة في إطار استمرارية استقرار الدولة والعمل المؤسساتي".