حذَّر تقرير حديث صادر عن البنك الدولي من مواجهة المغرب لعدد من المخاطر والتحديات في السنوات المقبلة، وهي مرتبطة بانخفاض التجارة العالمية وتقلب أسعار السلع الأساسية، وتزداد حدة بضبابية الأوضاع الجيوسياسية. وجاء في التقرير، الذي يرصد وضعية الاقتصاد الوطني، أن المغرب يواجه مخاطر محلية أيضاً تتمثل أساساً في تأثير تغير المناخ على قطاع الفلاحة. ويوجد أيضاً ضمن المخاطر المحلية، التي تعترض مستقبل المغرب القريب، المطالب الاجتماعية بتوفير فرص عمل، خاصة للشباب، وتحسين الخدمات العامة، وبرامج الحماية الاجتماعية. وأشار البنك الدولي إلى أن واردات المغرب من الطاقة قد تُؤدي إلى تفاقم العجز التجاري إذا استمرت أسعار النفط في الارتفاع، مورداً أن "التأخر في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الرئيسية وإصلاحات القطاع المالي من شأنه أن يؤثر سلباً على إمكانات النمو، وبالتالي زيادة التوترات الاجتماعية". ويرى التقرير أن التقلبات الاقتصادية يُمكن أن تؤثر على رفاهية الأسرة، خصوصاً من لا يزيد إنفاقهم الاستهلاكي عن خط الفقر إلا قليلاً، ودق ناقوس الخطر قائلاً: "من شأن أي صدمة سلبية صغيرة أن تُلقي بهذه الشريحة إلى هوة الفقر من جديد". وبحسب البنك الدولي، فإن نسبة السكان المُعرضين للوقوع في براثن الفقر تختلف باختلاف مصروفات الأسر التي تمثل الحد الأدنى، لكنها تبقى مرتفعة في المغرب. وبافتراض حد أدنى للقدرة الشرائية قدره 5,5 دولارات في اليوم، ما يُعادل 53 درهماً، يقدر البنك الدولي أعداد الفقراء المغاربة، ومن ليسوا فقراء لكنهم مُعرضون للوقوع في الفقر، مرتفعةً بشكل مذهل؛ إذ يمكن اعتبار أكثر من 24 في المائة من السكان، ما يمثل 9 ملايين مغربي، فُقراء أو معرضين للفقر. ويرى خبراء البنك الدولي أن المغرب في حاجة إلى تطبيق إصلاحات اقتصادية أكثر جرأة وعمقاً لتجاوز نسب النمو التي تقل عن المطلوب، لتوفير فرص عمل كافية للسكان في سن العمل المتزايدة أعدادهم. كما شدد التقرير على أن "الوقت قد حان ليتم التركيز على تفكيك الاحتكارات في السوق الوطنية، وتسخير الطلب المحلي الجماعي في الاقتصاد لتحقيق النمو الذي يقوده قطاع التصدير إقليمياً ودولياً". تحليل البنك الدولي أشار إلى أن الاقتصاد المغربي ما زال يعمل دون إمكاناته الكاملة، ويتوقع أن يتباطأ إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 2.7 في المائة في 2019 نتيجة انخفاض الناتج الفلاحي (ناقص 2.1%)، مقابل توقع تحسن في النمو غير الزراعي بفضل التحسن في أداء إنتاج الفوسفاط والمواد الكيميائية والمنسوجات. ورغم تسجيل التقرير لانخفاض معدل البطالة في المغرب، إلا أنه حذر من كونه ما يزال مرتفعاً بين الشباب والنساء، كما لا يتوقع البنك الدولي أن ينخفض عجز الميزانية، بل أكد أنه سيتجمد عند 3,6 في المائة سنة 2019 بفعل ارتفاع كتلة الأجور نتيجة تطبيق اتفاق الحوار الاجتماعي في أبريل الماضي. ويتفاءل البنك الدولي بانتعاش النمو تدريجياً في المغرب ليبلغ متوسطاً قدره 3.3 في المائة على مدى الفترة 2020-2021، مدفوعاً في الأساس بالأنشطة في القطاع الثانوي (التصنيع والبناء) والقطاع الثالث (التجارة والبنوك والاتصالات)، تُعززها في ذلك الاستثمارات الأجنبية المرتفعة. لكن المؤسسة الدولية تربط توقعات التحسن بتحقيق إصلاحات مستدامة من طرف المغرب، خصوصاً الإبقاء على الإجراءات التقشفية، وتعزيز الإيرادات الضريبية، وتحسين الحكامة والرقابة على الشركات المملوكة للدولة، وتعزيز مرونة سعر الصرف، وإصلاح بيئة الأعمال وأسواق العمل.