الاقتصاد العالمي يتعزز واقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتجه نحو التباطؤ توقع البنك الدولي، في تقريره الأخير حول «الآفاق الاقتصادية العالمية»، أن يتعزز الاقتصاد العالمي هذا العام، مع تسارع وتيرة النمو في البلدان النامية والاقتصادات ذات الدخل المرتفع بعد خمس سنوات من نشوب الأزمة المالية العالمية. واعتبر التقرير، الذي صدر بواشنطن، أن تسارع وتيرة النمو في البلدان ذات الدخل المرتفع واستمرار النمو القوي في الصين يدعمان ارتفاع النمو في البلدان النامية. وأضاف أنه مع بدء المجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي في سحب حوافزه النقدية الضخمة، لا تزال آفاق النمو معرضة للانتكاس مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، إضافة إلى التقلبات المحتملة في تدفقات رؤوس الأموال. وقال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم إن «النمو يبدو آخذا في القوة في البلدان النامية والمتقدمة على السواء لكن مخاطر الهبوط مازالت تهدد انتعاش الاقتصاد العالمي»، معتبرا أن أداء البلدان المتقدمة يزداد قوة ومن شأن هذا أن يزيد النمو قوة في البلدان النامية في الأشهر القادمة. ويرى أن «تسريع وتيرة الحد من الفقر يتطلب من البلدان النامية اعتماد إصلاحات هيكلية تعزز من خلق الوظائف وتدعيم الأنظمة المالية وتدعيم شبكات الأمان الاجتماعي». وحسب توقعات البنك الدولي، سينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 2.4 في المئة عام 2013 إلى 3.2 في المئة هذا العام، ويسجل 3.4 في المئة و 3.5 في المئة عامي 2015 و2016 على التوالي، وسيعكس قدرا كبيرا من النمو الأقوى في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع. كما سيواصل اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «الاتجاه نحو التباطؤ». وأبطأت الاضطرابات السياسية بمصر وانسداد الأفق بتونس وتصاعد المواجهات التي تنذر بحرب أهلية بسوريا، وكذا انعكاساتها على البلدان الجارة من قبيل لبنان والأردن، من أداء الدول المصدرة للنفط. بالموازاة مع ذلك، اعتبر البنك الدولي أن تدهور الوضع الأمني والإضرابات المرتبطة بالبنيات التحتية وكذا العقوبات الدولية التي تستهدف إيران كانت لها انعكاسات سلبية على الدول المصدرة للنفط. وأشار إلى أن النمو الإقليمي، الذي تراجع بمعدل 0,1 في المئة خلال سنة 2013 ، قد يشهد استقرارا في سياق عدم اليقين، إذ من المتوقع أن تشهد المنطقة نموا بنسبة 2,8 في المائة خلال سنة 2014، قبل أن ينتقل إلى 3.3 في المئة خلال سنة 2015 ثم إلى 3,6 في المئة سنة 2016 وهي أرقام «أدنى من مؤهلات المنطقة». وسيتراوح معدل النمو في البلدان النامية من 4.8 في المئة عام 2013 إلى 5.3 في المئة (أدنى من التوقعات) هذا العام و5.5 في المئة عام 2015 و 5.7 في المئة عام 2016 ، في حين أن وتيرة النمو تقل بنحو 2.2 نقطة مئوية عما كانت عليه خلال فترة الازدهار بين 2003 و 2007، لكن بطء النمو ليس مدعاة للقلق. ويعكس الفرق كله تقريبا تهدئة للنمو المفرط غير المستدام قبل الأزمة، ويرجع قدر قليل جدا إلى تخفيف إمكانات النمو في البلدان النامية. علاوة على ذلك، فحتى هذا النمو الأكثر بطئا يمثل تحسنا كبيرا (60 في المئة) مقارنة بالنمو في الثمانينات وأوائل التسعينات. وبالنسبة للبلدان ذات الدخل المرتفع، فإن العبء على النمو من ضبط أوضاع المالية العامة وعدم اليقين في السياسات سيتراجع ما يساعد على تعزيز وتيرة النمو الاقتصادي من 1.3 في المئة عام 2013 إلى 2.2 في المئة هذا العام، ثم إلى 2.4 في المئة في كل من عامي 2015 و 2016. ومن بين هذه البلدان، تبقى الولاياتالمتحدة الأكثر قوة من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عشرة أرباع متوالية، كما أنه من المتوقع أن يواصل الاقتصاد الأمريكي نموه بنسبة 2.8 في المئة هذا العام (مقابل 1.8 في المئة عام 2013)، ويرتفع إلى 2.9 و3.0 في المئة عامي 2015 و2016 على التوالي. أما في منطقة اليورو، فمن المتوقع أن يسجل النمو بعد عامين من الانكماش، 1.1 في المئة هذا العام، و 1.4 و1.5 في المئة عامي 2015 و2016 على التوالي. ويقول كوشيك بوسو، النائب الأول للرئيس وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي «تظهر المؤشرات الاقتصادية العالمية تحسنا. ولكن المرء لا يحتاج إلى أن يكون ماهرا جدا ليرى أن هناك مخاطر كامنة تحت السطح». واعتبر أن «منطقة اليورو تخرج من حالة الركود ولكن نصيب الفرد من الدخل لا يزال في انخفاض في العديد من البلدان. ونتوقع أن يرتفع النمو في البلدان النامية عن 5 في المئة عام 2014، وسيكون أداء بعض البلدان أفضل كثيرا، حيث تسجل أنغولا 8 في المئة والصين 7.7 في المئة والهند 6.2 في المئة، ولكن من المهم تجنب ركود السياسات كي لا تتحول البراعم الخضراء إلى قصب ميت». وأوضح تقرير البنك الدولي تواجه البلدان النامية قوى مضادة للدورة الاقتصادية من البلدان ذات الدخل المرتفع، إذ ستعزز الزيادة في البلدان المرتفعة الدخل من الطلب على الواردات من البلدان النامية من جهة، وتحد ارتفاع أسعار الفائدة من تدفقات رأس المال من جهة أخرى. ويتوقع التقرير أن تنمو التجارة العالمية من حوالي 3.1 في المئة عام 2013 إلى 4.6 في المئة هذا العام و5.1 في المئة في كل من عامي 2015 و 2016.