بدون خيارات متعدّدة، يمضي حزب التّقدم والاشتراكية إلى الاصْطفافِ في المعارضة، بعدما قرّرت قيادته الوطنيّة فكّ علاقته بالتّحالف الحكومي بسبب "الوضع غير السّوي داخل الأغلبية" الذي تفاقمَ باشتدادِ قوّة التّنافس بين الأحزاب في سباقِ تشريعيات 2021. ولم تنتظر القيادة الاشتراكية طويلاً لتحسم موقفها من الاستمرار في الحكومة، على اعتبار أنّ "التحالف الحكومي الحالي لن يكون قادراً على تلبية مطالب الشعب بتحقيق مزيد من الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية"، وفق تصريحات الأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله. وقال بنعبد الله، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "الاستمرار في الأغلبية الحالية بالشكل الذي كنا فيه سيؤدي إلى إضعاف الحزبِ. لم نكن نملك خياراً آخر غير السّعي إلى الاصطفاف في المعارضة"، مضيفا: "ننتظرُ اجتماع اللّجنة المركزية، والاصطفاف في المعارضة ليس اختياراً". وأورد المسؤول السياسي ذاته أنّ "الحزب معمول من أجل أن يساهم في تسيير الشّأن العام شريطة أن يكون ذلك متطابقًا مع مرجعتينا وانتظاراتنا ومبادئنا؛ وإذا تعذّر ذلك يعود إلى المعارضة"، مؤكداً أنّ خروج حزبه من الحكومة "ليس له أي علاقة بمسألة الاستوزار". ويرى المحلل السياسي عبد الرحيم العلام أنّ "القيادة الحالية لحزب التقدم والاشتراكية كانت ترغبُ في الخروج من الحكومة بعدما شعر الحزب أنّ لا صديق له داخل الحكومة، فالعثماني له تصوّر خاص لتحالفِ الإسلاميين مع الرّفاق عكسَ رئيس الحكومة السّابق، عبد الإله بنكيران". ولا يفصل العلام قرار خروج حزب التقدم والاشتراكية من الحكومة عن تراجع عدد الحقائب التي كان يحملها الحزب في الصيغة الأولى لحكومة العثماني، قبل أن يأتي الإعفاء الملكي الذي أطاح بالأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله، رفقة الحسين الوردي الذي كان وزيراً للصحة، ويتمّ بعدها تعيين وزيرين من الحزب نفسه، هما عبد الأحد الفاسي الفهري وأنس الدكالي. وشدّد الأستاذ الجامعي ذاته على أن "ما يحسب لهذا الحزب أنّه الوحيد داخل المشهد السّياسي الذي كانت له مواقف اتسمت بنوع من المواجهة مع السّلطة والديوان الملكي"، مشيراً إلى أنّ "الحزب مستقل في قراراته ولديه مواقف ذات نزوع استقلالي". وأكمل قائلا إن "الحزب سيعارض اليوم معارضة كتابية فقط، فهو لا يتوفّر على كتلة برلمانية كبيرة ليضغط بها"، مورداً أنّ "خروجه من الحكومة سيخدم الحياة السّياسية نظراً للدور الذي يمكن أن يلعبه في جلب قيادات يسارية إلى صفه"، مبرزا أنّ "التقدم والاشتراكية كان يتعرّض للضربات وهو داخل الحكومة، واصطفافه في المعارضة سيعطيه هامشاً للمناورة والتّحرك".