تستمرّ ردود الفعل الحقوقية الدّولية والمحلية على الأحكام التي قضت بها ابتدائية الرّباط على المتابعين في ملفّ "الصحافية هاجر الريسوني ومن معها". وقضت المحكمة الابتدائية بالعاصمة، الإثنين، بمؤاخَذة المتابَعين في هذا الملفّ بما نسب إليهم من تهم "ممارسة الإجهاض بشكل اعتيادي، وقَبول الإجهاض من طرف الغير، والمشاركة في ذلك، والفساد"، وحكمت على الزميلة الصحافية هاجر الريسوني وخطيبها الحقوقي رفعت الأمين بسنة سجنا نافذا، وعلى طبيبها محمد جمال بلقزيز بسنتين نافذتين ومنعه من مزاولة مهنة الطّبّ لمدة سنتين ابتداء من يوم الإفراج عنه، وإدانة الممرّض المخدّر وموظّفة الاستقبال بعيادة الطبيب بلقزيز بالحبس موقوف التّنفيذ سنة وثمانية أشهر على التوالي. وأدانت منظّمة "مراسلون بلا حدود" بشِدّة الحكم الصادر في حق الصحافية بجريدة أخبار اليوم هاجر الريسوني، والقاضي بحبسها لمدة سنة نافذة بعد إدانتها بتهمة "الإجهاض غير القانوني"، و"ممارسة الجنس خارج إطار الزواج"، وندّدت ب"هذه الملاحقة القضائية الشرسة التي تطال هاجر الريسوني"، معتبرة الأحكام الصادرة في حقها "مُجحفة إلى حد كبير، إذ من غير المقبول بتاتاً استخدام خصوصية الصحافيين كوسيلة للضغط عليهم"، وطالبَت في الوقت ذاته ب"براءتها في الاستئناف"، كما ذكّرَت بمرتبة المغرب في جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي يحتلّ فيه المرتبة 135، من أصل 180 بلدا. فيما كتب فرع المغرب لمنظَّمَة العفو الدولية أن "إدانة الصحافية هاجر الريسوني بتهمة الإجهاض صفعة شديدة لحقوق المرأة في المغرب"، مضيفا أنّه "بدلاً من التشهير العلني بها، بانتهاك خصوصيتها وإدانتِها بتهم ظالمة، ينبغي على السلطات المغربية أن تلغي إدانتها، وأن تأمر بإطلاق سراحها فوراً، دون قيد أو شرط، وإطلاق سراح جميع الآخرين المتهمين في هذه القضية"، داعية المدافعين عن حقوق الإنسان إلى التّوقيع على عريضتها قصدَ "المبادرة بالتحرك ومطالبَة رئيس الحكومة المغربية بالإفراج فوراً عن الصحافية هاجر الريسوني". ووصفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الأحكامَ الصّادرة في هذا الملفّ ب"الصادمة والجائرة"، مضيفة أنّها نتجت عن "محاكمة غابت فيها شروط المحاكمَة العادلة"، ثم دعت إلى وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان المغربي "إثر هذه المحاكمَة الظّالِمة، ومن أجل التّعبير عن إدانة الأحكام الصّادرة عنها، والمطالَبة بالتّوقّف عن استعمال القضاء كوسيلة للانتقام والتّرهيب، وتجسيدا للتّضامن مع هاجر في ما تعرّضَت لهُ من سوء معامَلة تدخل ضمن نطاق ممارسات التّعذيب وغيرِه من ضروب المعامَلَة القاسية واللا إنسانية، والمطالبَة بقضاء مستقلّ يحمي الحقوق والحرّيّات، وإلغاء القوانين البائدة التي استُعمِلَت ضدّ هاجر ومن معها، والتي تنتهِكُ الحقَّ في الحريات الفردية المكفولة بموجب القانون الدّولي لحقوق الإنسان". وقال التحالفُ الإقليمي للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ إفريقيا إنَّ التُّهمَ الموجّهةَ إلى المدافعةِ عن حقوقِ الإنسانِ هاجر الريسوني "ليست إلا محاولة لتأجيجِ المجتمعِ ضدّها، إذ إنَّ الثقافةَ الأبويةَ تعمدُ إلى تجريدِ المدافعاتِ من شرعيتِهن وأحقيةِ عمَلِهن عبرَ توجيهِ تهمٍ لها طابعٌ ذكوري بامتياز، تهدفُ إلى معاقبةِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ، ومنعهنَ منَ الوجود والعملِ في المجالِ العام، والتأكيدِ على تقييدِ أجسادِ النساء، وتشويهِ سمعتِهِنَّ بحسبِ المعايير التي تفرضُها الثقافةُ الأبوية؛ كما أنَّ تعريضَها لفحصٍ طبي بالإكراهِ يُعَدُّ شكلاً من أشكالِ التعذيبِ، ويتنافى مع كل التزاماتِ المغربِ تجاه حقوقِ الإنسان". وذكّر هذا التّحالف بأنّ "الصحافيةَ هاجر الريسوني معروفةٌ بنشاطِها الحقوقي، وخاصةً خلالَ حراكِ الريف، وكانت تعملُ على توثيقِ الحراكاتِ الحقوقيةِ، والكتابةِ عنها في تقاريرَ صحافية عدة... ونشرت مقالاتٍ تطرحُ أسئلةً حول بعضِ الانتهاكات وتوثقُها؛ وحُكِم على توفيق بوعشرين، رئيسُ تحريرِ صحيفةِ "أخبار اليوم"، حيثُ تعملُ، بالسجنِ 12 عاماً بتهمٍ ذاتِ دوافعَ سياسية في نونبر 2018". وتضامنَ التحالفُ الإقليمي للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ إفريقيا مع "المدافعةِ والصحافيةِ هاجر الريسوني" وأدان الحكم الصادر في حقها، مطالِبا السّلطاتِ المغربية بالإفراجِ الفوري وغيرِ المشروطِ عنها، وإسقاطِ جميعِ التهمِ الموجهةِ ضدها، مشدّدا على أنّ "التُّهَمَ الظالمةَ الموجهةَ إلى المدافعةِ عن حقوقِ الإنسان هاجر الريسوني، رغمَ إثباتِ عدمِ مصداقيتِها، تنتهِكُ عدداً من حقوقِ المرأة، بما في ذلك حقوقُ الاستقلاليةِ الجسديةِ والشخصيةِ، وعدمِ التمييزِ، والخصوصيةِ، والصحة؛ كما أنها تعرَّضُ المدافعاتِ المتَّهمات بها لخطرِ العنف المجتمعي".