إجماعٌ حقوقيّ رافضٌ لمنطوق الحكم الصّادر في حق الزميلة الصّحافية هاجر الرّيسوني، التي أدانها القضاء ابتدائياً بسنة سجناً نافذا، بمعية خطيبها السّوداني، فيما تمّ الحكمُ على الطبّيب بسنتين سجنا نافذا، وهي أحكام لاقتْ رفضاً متواصلاً، سواء من لدنِ نشطاء يساريين أو حقوقيين. وعبّرت مبادرة "خارجة عن القانون"، التي تمّ تأسيسها عقبَ محاكمة الصحافية الرّيسوني، عن الحزن "لأجل من حُطّمت حياتهم؛ لأجل عائلاتهم، ولأجل كل المواطنات والمواطنين الذين يؤمنون بحرية امتلاك أجسادهم، لأجل كل تلك النساء اللواتي يعشن مضطرات محنة الإجهاض، واللواتي يشعرن بخوف أكبر من السابق". وانتقدت المبادرة التي تقف من ورائها مئاتُ الشّخصيات الحقوقية والسّياسية ما اعتبرته "نفاقاً معمماً"، إذ إن القانون المجرم للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، في ظل الوضع الراهن، هو قانون غير قابل للتطبيق، بل يتم خرقه يومياً، وأما تطبيقه فصار خاضعاً فقط لمنطق العشوائية. وزادت المبادرة: "هذا النفاق الذي يستفيد منه الدجالون والمجهضون السريون هو نفسه الذي يرمي يومياً ما بين 600 و800 امرأة في براثن هذه العصابات"، معربة عن قلقها "لأن الوضع الحالي يرسم لشبابنا خاصة ولمواطنينا بشكل عام صورة سوداوية حول وضعية الحريات الفردية ببلادنا". وفي السّياق، قالت الناشطة الحقوقية، سارة سوجار، إنّ محاكمة الصحافية هاجر الريسوني تمثّل "ضربة أخرى من ضربات السلطة السّياسية للحقوق والحريات"، مشيرة إلى أنّ "هناك مسلسلا متواصلا يستهدفُ الحريات انطلق مع محاكمة معتقلي حراك الرّيف". وأبرزت الحقوقية في تصريح لهسبريس أنّ هذا المسلسل يوجّه رسالة قوية بأنّه "لا مكان للحقوق والحريات، سواء الفردية أو الجماعية، في المغرب"، مشيرة إلى أن الموضوع يفتحُ "نقاشاً حول الحريات الفردية والقانون الجنائي الذي مازالَ يجرّم العلاقات الرضائية"، وزادت: "القوانين والأخلاق والقضاء وسائل في يد الدولة تستعملها عصا من أجل بسط سيطرتها ووصايتها على الحياة الشخصية للأفراد، ومن أجل التحكم في توجهات واختيارات المجتمع". وتابعت سوجار: "قمع الحقوق والحريات أصبح أمرا عاديا يطبع معه الجميع، ويشرعن إستراتيجية دولة باسم حماية الأمن..سنحمل ملفاتنا الطبية، ونكتب اعترافات مصادق عليها بكل اختياراتنا وعلاقاتنا، ونعطي تقارير يومية بإرادتنا كل يوم كي يتبع بوليس وقوانين الأخلاق حياتنا ويحاكمنا على كل شهيق وزفير في يومياتنا". وأدانت الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي الحكم الابتدائي الصّادر في حق الريسوني ومن معها، وأكّدت على "استعمال القضاء في هذه القضية كآلية للقمع"، مشيرة إلى أنّ "هذه المحاكمة بمثابة محاولة لتكميم الأفواه وتكسير الأقلام المزعجة وتسييد الفكر الوحيد". واعتبرت الرياضي الواقعة "محطة أخرى انتهك فيها الحق في محاكمة عادلة وتم فيها استغلال القوانين البائدة لأغراض سياسية"، موردة: "سنواجه هذه القوانين وسنطمحُ إلى الحرية".