في الوقت الذي قرر فيه عبد الرحيم أوكيوض أن يقوم بجولة رفقة وفد سياحي إلى جبال تنغير مارس 2017 لاستكشاف عظمة المكان، اندهش لوجود أطفال بمنطقة تغزوت في عمر الزهور لم تطأ أقدامهم المدرسة قط، ليحفّزه الدافع الإنساني والوازع الأخلاقي، بعد الأخذ والرد مع الأسر هناك، التي أبلغته أنها في حاجة إلى مدرسة، إلى التفكير في طريقة ينقذ بها هؤلاء الصغار من الأمية والجهل، على الرغم من قلة الإمكانات ومحدوديتها. تزامنا مع الصعوبات المادية التي واجهها وهو ينوي بناء حجرة دراسية للأطفال ليتمدرسوا بها من ماله الخاص، ناهيك عن 'سكن وظيفي' يؤوي الأستاذ أيضا؛ حصل أكيوض سنة 2018 على جائزة ثالث أحسن مرشد سياحي بلندن. هذا التتويج اعتبره أكيوض تشريفا للسياحة المغربية وللمرشدين السياحيين، ليخصص تلك المنحة التي حصل عليها ليستأنف بها الأشغال، بعد الرضا الذي بدا واضحا على محيا الساكنة والأطفال على حد سواء، موفرا مواد البناء والعمال لتسريع الأشغال، على الرغم من وعورة التضاريس وبعد المسافة. "بعد الانتهاء من بناء الحجرة، قصدت المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بإقليم تنغير، من أجل فتح قناة حوار معه حول الموضوع، فرحب بالفكرة دون تردد واستبشر بها خيرا، لأنه إنسان يشجع تمدرس أطفال الرُحل بالعالم القروي، كل هذا خضته بعزم وإصرار لأنني عشت الظروف نفسها"، يقول أوكيوض. وتابع ابن أزيلال، في تصريح لهسبريس، قائلا: "سألني المدير الإقليمي عن عدد الأطفال الموجود بتلك المنطقة، فقلت إنه يبلغ 27 طفلا في سن التمدرس إلى جانب صغار آخرين، فقبل بالأمر ووعدني بأنه سيخصص أستاذا للتعليم الابتدائي ليباشر تدريسه الأطفال هناك، فقدم لي الأدوات إلى جانب مكتب وكرسي، علاوة على الأفران إلى جانب طاولات". واستطرد المرشد السياحي ذاته أن "المدرسة انطلقت بها الدراسة يوم الثلاثاء الماضي، ومظاهر السرور واضحة على وجوه الأطفال الذين كانوا قاب قوسين أو أدنى من الضياع.. فعلا لقد أثر في ذلك المشهد، لأن إسعاد أطفال براعم لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء فقراء ليس بالأمر السهل". وكتبت المديرية الإقليمية بتنغير على صفحتها الرسمية بفيسبوك، تفاعلا مع الموضوع، أنه "بعد الإقبال الذي يعرفه تمدرس التلاميذ أبناء الرحل على صعيد الإقليم، واستمرارا في رفع تحدي تسجيل وتوفير شروط تمدرس أبناء الرحل، تفقد السيد المدير الإقليمي رفقة السيد المرشد السياحي عبد الرحيم أكيوض، مساء الأربعاء 25 شتنبر 2019، عائلة للرحل بجانب الطريق الرابطة بين مضايق تودغى وأسول، حيث فتح نقاشا معهم حول أهمية المدرسة للأطفال في بناء مسار حياتهم مستقبلا، وتم تحسيسهم للالتحاق بالمدرسة. وسنواكب ذلك لإقناعهم خلال اللقاءات المقبلة لتسجيلهم بمدرسة تيزكي م.م أغبالو". واتصلت هسبريس أربع مرات بالمدير الإقليمي لتنغير لأخذ رأيه حول هذه الخطوة التي استحسنتها الساكنة؛ غير أن هاتفه ظل يرن دون رد، فتركت له رسالة نصية على الهاتف. وتجدر الإشارة إلى أنه سبق لأكيوض أن "ظَفَرَ بالمركز الثالث على المستوى العالمي كأحسن دليل سياحي، وتسلَّمَ جائزته في حفل نُظّم بالجمعية الجغرافية الملكية في لندن بالمملكة المتحدة". وربط موقع جائزة Wanderlust World Guide Awards، في التعريف الذي قدّمه حول المغربي عبد الرحيم وكيوض، فوزه ب"شغفه غير المتناهي بموطنه المغرب، ونَوَادره المليئة بالحكايات حول كيفية تجاوزه "الميل الإضافي" من أجل ربط المسافرين ببلده، ومسارات رحلاته المليئة بتجارب لا تنسى، وأخذه زمام المبادرة من أجل تنظيم المزيد: مثل ركوب الجمال في غروب الشمس، أو فرصة الجلوس بكل بساطة والدردشة مع السكان المحليين".