مستقرا في مرحلة النقاش البرلماني، يطرح مشروع القانون الجنائي على أنظار أعضاء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، بعد أن انتهى أجل وضع آخر التعديلات من لدن الفرق النيابية، التي تعيش على وقع اختلافات متباينة بخصوص العديد من مضامين المشروع، تتقدمها الفصول المرتبطة بالحريات الفردية، من قبيل العلاقات الرضائية بين الراشدين، والإجهاض. ويتزامن موعد شروع البرلمان في مناقشة مقترح الحكومة بخصوص تقنين حالات الإجهاض، خلال دورة أكتوبر، مع عودة الجدل في المغرب حول هذا الموضوع، عقب اعتقال الزميلة الصحافية هاجر الريسوني بتهمة "ارتكاب علاقة جنسية غير شرعية نتج عنها حمل وإجهاض غير مشروع"، وهو ما سيرخي بظلاله على مضامين مشروع القانون في ظل راهنية الموضوع. وأحالت الحكومة على البرلمان في يونيو 2016 مشروع قانون حول الإجهاض، ينص على "إتاحة الحق في الإجهاض للمرأة في حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم، والحالات التي تكون فيها الحامل مصابة بمرض من الأمراض المعتبرة في حكم الخلل العقلي، وحالات ثبوت إصابة الجنين بأمراض جينية حادة أو تشوهات خلقية خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص، وعندما يشكل الحمل خطرًا على حياة الأم أو على صحتها". وإلى الحين، لم يبد حزب العدالة والتنمية إمكانية تعديل موقفه بخصوص الحريات الفردية، باستثناء تدوينة دبجتها عضو لجنة العدل والتشريع آمنة ماء العينين، اعتبرت فيها قضية هاجر الريسوني "مناسبة لمعاودة تكثيف النقاش العمومي حول العديد من مقتضيات القانون الجنائي المغربي التي تعتبر مدخلا لانتهاك الحياة الخاصة للأفراد والتضييق على حرياتهم". توجه نحو الاصلاح شقران إمام، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، قال إن "التعديلات ستكون مستجيبة لتوجهات كل فريق"، مسجلا أن التأجيل الذي طال القانون "اتجه بالأساس نحو الاتيان برؤية موحدة من لدن الأغلبية"، مشددا على أن "الاتحاد سجل ملاحظاته بخصوص العديد من المواضيع، منها الإثراء غير المشروع، وأنشطة الطلاب بالجامعة، والحريات الفردية". وأردف شقران، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأغلبية ستتداول في المضامين فور الاطلاع على كافة التعديلات"، مشددا على "ضرورة الخروج بموقف توافقي بين الجميع"، معتبرا أن "أي إجراء جاء به القانون فهو يندرج ضمن الإصلاح الذي يفضي نحو إصلاح آخر، والمواضيع التي يمكن أن تؤجل يصدر فيها الحسم مستقبلا"، وزاد أن "الأولوية ستعطى لمواضيع الحريات الفردية"، مسجلا أن "الاتحاد له موقف من الإجهاض سيعلن عن تفاصيله لاحقا". المشروع متجاوز بدوره، قال محمد أبودرار، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب (البام)، إن "الحزب ما فتئ يطالب الحكومة بالمجيء في أسرع وقت بمشروع قانون المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية كي يتسنى وضع سياسة جنائية واضحة"، مسجلا "ضرورة ضمان تعديل واسع وشامل للقانون الجنائي وليس الجزء الحالي المختصر، وهذا ليس مطلب الحزب، بل هو خلاصة توصيات لجنة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة التي رفعت إلى الملك". وأضاف أبودرار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "البام دقق في مواضيع الإثراء غير المشروع، والإجهاض، ومحاربة الرشوة، فضلا عن التوسع في العقوبات البديلة التي جاء بها القانون، كونها محدودة جدا"، وطالب ب"المزيد منها، مثلا السوار الإلكتروني وغيره من العقوبات البديلة، تخفيفا من نسبة الاعتقال الاحتياطي". وزاد المتحدث أن "المشروع متجاوز اليوم ولا يستجيب لتطلعات معارضة مشروعة، ولا حتى لتطلعات المهنيين والحقوقيين، لأنه همَّ جزء قليلا ومحدودا من القانون الأصل، حيث قام فقط بتغيير 17 مادة، وبتتميم 34 مادة، ونسخ وتعويض 28 مادة، من أصل أزيد من 612 فصلا في القانون الجنائي، دون الحديث على عشرات الفصول الأخرى مكررة، مثلا 448.1 حتى 448.14".