حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية ما يقارب 5 بالمئة من سكان العالم مصابون بداء السكري وتقول نفس المنظمة أن عدد المصابين سيظل في ارتفاع خلال السنوات المقبلة إذا ما استمرت طرق التعامل مع المرض على حالها. في 2015 كان هذا المرض مسؤولا عن 2.8% من الوفيات على مستوى العالم وتتوقع منظمة الصحة أنه في غضون 2030 سيصبح السكري سابع عامل مسبب للوفاة في العالم، لذا لا يجب الاستهانة بهذا الداء ويجب التعرف عليه جيدا والتعرف على مستجدات الطب والعلوم الأخرى في مجال الوقاية منه والعلاج في حال الإصابة به. فما هو السكري؟ بشكل بسيط وسهل للفهم السكري هو مرض مزمن يمكن أن يرافق الإنسان طيلة حياته وهو عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج الأنسولين بكمية كافية، أو عندما يعجز الجسم عن الاستخدام الفعال للأنسولين الذي ينتجه. والأنسولين هو هرمون ينظّم مستوى السكر في الدم. ويُعد فرط سكر الدم أو ارتفاع مستوى السكر في الدم من العوامل التي تؤدي مع الوقت إلى حدوث أضرار وخيمة في العديد من أجهزة الجسم، ولاسيما الأعصاب والأوعية الدموية. وللسكري نوعين رئيسين وهما : النوع الأول: الذي يتسم بنقص إنتاج الأنسولين ويقتضي تعاطيه عن جرعات تحقن في البطن، الفخذ أو الذراع على الأقل مرتين في اليوم. هذا النوع من السكري سببه غير معروف ولا يمكن الوقاية منه بالمعارف الطبية عن المرض ويمكن أن يصيب الإنسان في سن مبكر. النوع الثاني: الذي يحدث بسبب عدم فعالية استخدام الجسم للإنسولين وفي معظم الأحيان يكون نتيجة للسمنة وعدم اتباع نظام غذائي صحي وعدم ممارسة التمارين الرياضية. هذا النوع لا يستوجب حقن الأنسولين لكن يتطلب التعايش مع المرض بشكل إيجابي عن طريق الرياضة، الحمية وتناول بعض الأدوية. غالبا ما يصيب هذا النوع البالغين وكبار السن لكن مؤخرا ظهرت حالات من الأطفال أيضا. إذا رجعنا إلى النوع الأول وهو حسب اعتقادي النوع الأصعب فهل تتصورون معي حجم معاناة المريض الذي يجب أن يحقن إبرة في جسمه مرتين في اليوم على الأقل فيصبح ذلك أشبه بإدمان خارج عن الإرادة وأيضا جلده الذي يصير مع الوقت عديم الإحساس بكثرة وخزات الإبر. الخبر السار لهؤلاء أتى مؤخرا من جامعة Carnegie Mellonبولاية بنسلفانيا الأمريكية، حيث قام مجموعة من الباحثين والمهندسين الكيميائيين بالعديد من الدراسات لطرق تعاطي الأنسولين عن طريق الفم فوجدوا حلا. مشكلة الأنسولين هي أنه بروتين ، والمعدة البشرية بارعة للغاية في تحطيم البروتينات - كما هو الحال مع الطعام . فلكي يكون علاجيًا ، يجب أن تمتصه الأمعاء الدقيقة وتبقيه سليما بعد مروره إلى المعدة. طور الباحثون عدة طرق لتغليف جزيئات الأنسولين حتى يتمكنوا من عبور الأمعاء الدقيقة. ولكن إذا كان البروتين ينتقل إلى الأمعاء الدقيقة دون هضمه بالكامل ، فهذا يعني أن الأنسولين كبير جدًا بحيث لا يمكن أن تمتصه الأمعاء والدم. وعلى الرغم من وجود مركبات قادرة بالفعل على فتح مسام الأمعاء الدقيقة ، إلا أن قلة منها يمكنها فعل ذلك دون ضرر دائم. قام العلماء بتحليل حوالي 110 من الفواكه والخضروات لتحديد قدرتها على فتح مساحات كافية بين خلايا الأمعاء للسماح للأنسولين بالمرور فكانت النتيجة في فاكهة الفراولة. نفس المادة الكيميائية التي تجعل الفراولة حمراء اللون ''بيلارجونيدين'' يمكن أن تمدد المسام المعوية بطريقة غير سامة تسمح لها لاحقًا بالانكماش مرة أخرى إلى وضعها الطبيعي. مزج هذه الجزيئة مع عبوة الأنسولين المُغلفة سيعطينا قرص يمكن أن يساعد مرضى السكري على التحكم في نسبة الجلوكوز في الدم دون أي آثار جانبية سلبية. لقد أثبت فريق البحث فعالية هاته الأقراص على الفئران، ولكن لا يزال هناك طريق طويل قبل أن تتاح حبوب الأنسولين لمرضى السكري داخل الصيدليات. فنتمنى من القلب نجاح هاته التجارب وإخراج هذا المنتوج الذي سيغير حياة مرضى النوع 2. مختبر الطب الحيويWhitehead في كندا يخطط لتوسيع تكنولوجيا الفراولة لتشمل بروتينات أخرى غير الأنسولين. هذا يعني أن هذه التقنية يمكن استخدامها مع علاجات البروتين الأخرى، والتي يستخدم الكثير منها لعلاج حالات مثل سرطان الدم وهشاشة العظام وأمراض المناعة الذاتية. مثل هذا التقدم سيحدث ثورة في مجال الطب، ويزيل من آلام الحقن ويحسن الحياة اليومية لملايين المرضى. *مهندس زراعي