في غمرة الحزن المخيم على الجنوب الشرقي للمملكة، جراء فاجعة الفيضانات التي ضربت منطقة الخنك، ضواحي مدينة الرشيدية، والتي أودت بحياة 18 شخصا، وجرح 29 آخرين، تعيش ساكنة عدد من المداشر بتنغير في عزلة تامة، بعد انقطاع الطرق، دون أن تتدخل الجهات المعنية، إلى حد الآن، حسب إفادات من عين المكان. المستشفى القروي بأمسمرير عاش، الاثنين، على وقع معاناة امرأة حامل تلخص الوضع العام الذي يعيشه سكان المنطقة، حيث أصيبت بنزيف جراء الحمل، ولم يتمكن ذووها من نقلها إلى مستشفى آخر يتوفر على التجهيزات الكفيلة للعناية بها إلا بمشقة الأنفس، بعدما طالبوا بنقلها عبر المروحية الطبية لوزارة الصحة؛ لكنها لم تأت، بداعي سوء الأحوال الجوية. وحسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس، فإن المرأة المتحدرة من قرية تِلمي، قيادة أمسمرير، كانت حاملا في شهرها السادس، وأصيبت بنزيف نُقلت على إثره إلى المستشفى القروي لمركز أمسمرير. وحين تعذر علاجها، اتصل أهلها بنائب برلماني، اتصل بدوره بمندوب وزارة الصحة طلبا للمروحية الطبية؛ لكن الطلب لم يتحقق، بعلة سوء الأحوال الجوية، وفي النهاية اضطر رئيس الدائرة "القايد"، إلى الاستعانة بسيارة دفع رباعي، لنقلها إلى مستشفى تنغير، "وتمّ ذلك بمشقة الأنفس"، حسب أحد المقربين من عائلة المرأة. ولا يزال التنقل في المناطق التي طالتها الفيضانات مستحيلا، جراء انقطاع الطرق، حسب إفادة أحمد أوموجان سيمو، أحد سكان قيادة امسمرير، مضيفا "الطريق بين أمسمرير وبومالن، اللي هي المنفذ الوحيد ديالنا، مسدودة تماما، والناس معزولين كلّيا". وأشار المتحدث ذاته إلى أن العزلة لم تشمل فقط بيوت المواطنين من أبناء المنطقة، بل شملت أيضا السياح في الفنادق الموجودة بمضايق دادس، والتي يوجد بعضها وسط خطر ماحق جراء قوة الفيضانات، لافتا إلى أن السياح يقصدون هذه المنطقة قادمين من مراكش، ومنها ينطلقون في اتجاه مرزوكة. وحسب الشهادات التي استقتها هسبريس من عين المكان، فإن الجهات المسؤولة لم تُوفد إلى المنطقة أية آليات إلى حد الآن، من أجل إصلاح الطرق المتضررة جراء الفيضانات، خاصة الطريق رقم 704، الرابطة بين بومالن وامسمرير، المقطوعة كليّا؛ فيما ترزح دواوير وسط أوحال الفيضانات، كدوار بوسكور، الذي غمرت المياه بعض بيوته. في هذا السياق، قال نبارك أمرو، رئيس جمعية تيرسال للتنمية المستدامة بقرية أوسيكيس التابعة لجماعة أمسمرير إقليم تنغير، إن الجمعية سبق لها أن نبهت، في مناسبات متفرقة، من تنامي الآثار السلبية للتغير المناخي من خلال القوة التي عادت بها العواصف الرعدية خلال السنوات الأخيرة. وأضاف: "نبهنا إلى ضرورة وضع هذه المناطق الجبلية ضمن أجندة المناطق المهددة بالفيضانات، اعتبارا لكون هذه المناطق لا تزال تعرف كثافة سكانية وتنشط فيها الفلاحة في بعض المنتوجات التي تتميز بجودتها في الأسواق الوطنية والدولية، من قبيل البطاطس والتفاح"... واعتبر أمرو أن من بين الأسباب التي أصبحت تفاقم خطر الفيضانات التي تضرب المنطقة التوحل التام والنهائي لسد أقانوسيكيس، الذي كان يحمي المنطقة من الفيضانات منذ تأسيسه منتصف ثمانينيات القرن الماضي إلى غاية توحله قبل حوالي سبع سنوات؛ وهو ما جعل الجمعية تنبّه إلى خطورته غير ما مرة. وأكد المتحدث ذاته أن تعامل الجهات الرسمية المعنية مع المنطقة يقتضي تنزيل برامج التكيف والتخفيف مع التغير المناخي؛ من خلال رصد ميزانيات لهذه المناطق وبرمجة وإنجاز مشاريع حقيقية في الميدان بإشراك الفئات المتضررة، من فلاحين ومن ممثلي السكان الذين أضحت المباني السكنية البسيطة التي يقطنونها مهددة بالانهيار أو الجرف جراء السيول المفاجئة التي تعرفها المنطقة في عز الصيف".