بالتّزامنِ مع دعوة الملك الأحزاب المغربية إلى تطْعيمِ المشهد السّياسي بكفاءات جديدة تقود المرحلة المقبلة، باشرَ حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تحرّكاته لتجْميعِ أبنائه المتفرّقين على مختلف التنظيمات الحزبية للاستفادة أوّلاً من نضالاتهم، مع أملِ الوصول إلى وحدة، ثانيا، تبتغي تجاوز انقسامات اليسار المغربي، رغمَ أنّ هذه الآمال تصطدمُ بواقعِ سياسيِّ يعيشُ على وقعِ الانقسام. وأطلق الاتحاديون بمناسبة الذّكرى الستين لتأسيس حزبهم اليساري نداء "الأفق الاتحادي"، الطي يرومُ ترصيص الصفوف وتجميع القوى لإعادة وهج التنظيمات اليسارية التي تعيشُ على وقع التّفكك بعد خروج قياديين بارزين من الحزب لتأسيس هيئات سياسية جديدة. وأعلن الاتحاد الاشتراكي أن أبوابَ "العودة" إلى الحزب مجدّداً مفتوحة أمامَ معارضيهِ وقياديين سابقين في الحزب، من أجل "بناء مصالحة حقيقية وإعادة الدفء للعائلة الاتحادية"، وكذلك من أجل "كسب الرهان السياسي والمجتمعي". ويرى المحلل السياسي كريم عايش أنّ "مفهوم اليسار بالمغرب فقد معناه، ولم يعد سوى تسمية تتمسك بها أحزاب تتسابق على الريع والمناصب والامتيازات، وتضرب بعرض الحائط توجيهات الملك وانتقاد المغاربة المستمر في بحثها عن مصالح مكاتبها السياسية والمقربين من أمنائها العامين ضدا على مصلحة البلاد". وأضاف المحلل ذاته أنّ "استعادة بريق اليسار السياسي بالمغرب وفق منظور الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي فيه بعض من عدم الانسجام في الخطاب وعدم ملاءمة الظرفية بسبب الصراعات الداخلية من جهة، وحتمية التعديل الحكومي من جهة أخرى". وتوقف الباحث السّياسي عند "دعوة الاتحاد للمصالحة ورصّ الصفوف التي تغفل نتائج مرحلة تاريخية من عمر اليسار، والتي دشّنتها الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد بضم مكونات اليسار، ومنها الراديكالي، وهي في مجملها أحزاب صغيرة لم تتمكن من دخول البرلمان". ويتوقّع المحلل ذاته "فشل ادريس لشكر وفريقه في إقناع مجموعة عريضة من مناضلي الأحزاب الأخرى بالالتحاق بيسار موحد سيرأسه بكل تأكيد من سيعمل على توحيده وفق الممارسة السياسية المغربية وبناء على تجربة الاندماج الحركي التي قادتها الحركة الشعبية وتم إقصاء المكونات بعد المؤتمر الاندماجي وتهميشها". "ومما يزيد من تعقيد هذه الرغبة شبه المستحيلة لحزب الاتحاد الاشتراكي هو تقاطر طلبات الاستوزار على مقر الحزب بحي الرياض بالرباط، وارتفاع حجم الضغوط لدخول الحكومة والظفر بحقيبة، كما حدث سابقا بحقيبة كتابة الدولة في حكومة سابقة ورئاسة البرلمان بفضل توافق غريب لم تشهد له الساحة السياسية مثيلا"، يقول عايش. وأضاف إلى ذلك عايش "معارضة حزب التقدم والاشتراكية لدخول الاتحاد الاشتراكي الحكومة المعدلة، في صراع حزبي تحت الطاولة تتناقله المنابر الإعلامية على وقع تصريحات لا تفضل ذكر أسمائها من هذا الحزب أو ذاك".