تستبقُ جبهة البوليساريو الانفصالية إجراءات تعيين مبعوث جديد في الصّحراء بهجومها على فرنسا، باعتبارها "أحد أهم حلفاء الرّباط في قضية الوحدة الترابية"، فقد دعا مسؤول كبير في الجبهة يشغلُ منصب وزير الخارجية للجمهورية الوهمية، محمد سالم ولد السالك، باريس إلى الكفّ عن "دعم المغرب في نزاع الصّحراء". ومتحدثاً في مقابلة إعلامية أجراها مع التلفزيون الرّسمي الجزائري، رفضَ المسؤول الانفصالي ما اعتبره "دعماً متواصلاً لباريس للموقف المغربي في قضايا الصّحراء. وقال "رغم انسحابها العسكري من بعض الدول؛ تمارس باريس هيمنتها على بعض هذه الدول لحماية مصالحها". ومعروف موقف باريس من قضية الصحراء، فهي تؤيّد مقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب لحل النزاع الإقليمي، وأيّدت كذلك توقيع اتفاقية مصائد الأسماك بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والتي تشمل المياه المجاورة لأراضي الصحراء المغربية. وفي نونبر 2017، أثناء زيارة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، للعاصمة الفرنسية باريس، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب، في مؤتمر صحفي مع نظيره المغربي: "نحن ندعم خطة الحكم الذاتي وهي جادة وذات مصداقية". ويرى المحلل والخبير في قضايا الصحراء، نوفل البعمري، أنّ "البوليساريو" تعتمد منذ سنوات على استراتيجية إعلامية وسياسية يدخل ضمنها مهاجمة فرنسا نظرا لمواقفها الداعمة للمغرب وللحكم الذاتي، وهو دعم وليد علاقة مغربية فرنسية طويلة حتى نضجت إلى الوضع الحالي حيث تتواجد بين البلدين علاقة شراكة واضحة، قوية، متعددة الأوجه والمداخل". وبحكم فرنسا من الأعضاء الدائمين الخمس بمجلس الأمن، يزيد البعمري، فطبيعي أن تعبر عن هذه المواقف الرافضة لأي حل غير متوافق بشأنه، وخارج الحل السياسي الواقعي الذي طرحه المغرب، وهو ما يزعج خصوم المغرب ووحدتهم الترابية، ويجعلهم يعتبرون فرنسا عدوا أول لهم. وأشار الحقوقي المغربي إلى أنّ "الجناح العسكري بالجزائر المتحكم في البوليساريو يستغل الجبهة لإرسال رسائلهم السياسية لفرنسا عن طريقها، أو عندما يريدون مناوشة فرنسا يستعملون ورقة الجبهة وتصريحاتها للضغط على فرنسا في قضايا داخلية تهم الجزائر أو علاقة النظام هناك بالدولة الفرنسية. ويسترسلُ: "لذلك فالهجوم المتكرر للبوليساريو على فرنسا يجب قراءته وفهمه من هذين الزاويتين، زاوية الدعم السياسي الفرنسي للمغرب، وزاوية الصراع الجزائري الفرنسي نفسه". وفشلت عدة جولات من المفاوضات في التوفيق بين مواقف البوليساريو المدعومة من الجزائر والمغرب، الذي يقترح حكما ذاتيا واسعا في الصحراء. بينما تقول جبهة البوليساريو إن الحالة الوحيدة التي يمكن أن تقبل بها بمقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب هي إذا أقره "استفتاء حر ونزيه صوّت فيه الصحراويون لحسم هذا الصراع الذي عمر طويلاً". وقد استقال آخر مبعوث للأمم المتحدة حول هذه القضية، الرئيس الألماني السابق هورست كولر البالغ من العمر 76 عامًا، في ماي الماضي، "لأسباب صحية"، بعد أن تمكن، بعد ست سنوات من القطيعة الدبلوماسية، من استئناف الحوار.