بعد شهور قليلة من تفجر قضية البيدوفيل الإسباني الذي ألقي عليه القبض بطنجة، تم أمس الإثنين اعتقال متهم جديد بمدينة الحاجب، يحمل هو الآخر الجنسية الإسبانية، متلبسا بعرض أفلام بورنوغرافية على طفل عمره 11 سنة. المتهم الجديد يبلغ من العمر 51 سنة، وتم اعتقاله بمقهى للإنترنيت بمدينة الحاجب، وكان قد وصل إلى البلاد في وقت سابق من الشهر كسائح. اعتقال الأجانب بتهمة "البيدوفيلية" يطرح إشكالية اعتبار المملكة وجهة لهذا الغرض، وهو ما يؤكده فاعلون حقوقيون، منبهين إلى أن التساهل في العقوبات وضعف المراقبة يجعل من هؤلاء يتعاملون مع أبناء المغاربة ك"لحم رخيص". وفي هذا الإطار تقول نجاة أنور، رئيسة منظمة "ما تقيش ولدي"، إن "المغرب عبر سياحة غير مراقبة أصبح أمام سياح أجانب تستهويهم ممارسة نزواتهم الضارة بالطفولة، كالاعتداء الجنسي"، مضيفة: "ما تم عرضه بخصوص السائح الإسباني أنه أدخل معه أدوات لصناعة أفلام بورنوغرافية، تستهدف قاصرين..كان المفروض ضبطه من طرف الأمن في المطارات، أو في الحدود، واستفساره عن الآليات التي أحضرها والغرض منها، لكن أن يتمكن من عبور المناطق الأمنية وبصحبته آليات تصوير فذاك ما يستدعي المساءلة". وتضيف أنور أن "السياحة الجنسية وباء ابتليت به بلادنا في السنوات الأخيرة، لكن الأخطر هو دعارة القاصرين، وبحث الأجانب عن هذا النوع من النشاط الجنسي"، مردفة: "لعل أحد أسباب نزول منظمة "ما تقيش ولدي" السياحة الجنسية وكثرة ملفاتها، خاصة بمراكش وأكادير. لكن إلى الآن ما يعاب رفض المشرع تسمية الأشياء بمسمياتها..لماذا لا يتحدث القانون الجنائي إلى الآن عن السياحة الجنسية وعن دعارة القاصرين؟". وتؤكد الناشطة الحقوقية أن العقوبات المخففة سبب في تفاقم الظاهرة، قائلة إن "المنظمة تعبر عن رفضها لها، إيمانا منها بأن جبر ضرر الضحية وإنصافها يبقى العقوبة القاسية والرادعة للجناة"، وزادت: "كانت المنظمة سباقة لتحية السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض عندما عبر عن موقفه من ضرورة تشديد العقوبات، لكن بعض قضائنا لازال يغرد خارج السرب..المفروض الضرب بقوة تحقيقا للردع وحماية للقاصرين". نجية أديب، رئيسة جمعية "ما تقيش ولادي"، تؤكد هي الأخرى على ضرورة تشديد المراقبة والعقوبات في هذا الباب، متسائلة: "هل الأجانب الذين يقصدون المدن المغربية غير معروفين من قبل السلطات المحلية، خاصة أصحاب السوابق الجنائية في بلدانهم؟". وتواصل أديب ضمن حديثها مع هسبريس: "هؤلاء يجب وضعهم تحت المجهر والتعرف عليهم ولماذا يقصدون البلاد"، مؤكدة أن "أغلبهم يكونون حاملين للجنسية الإسبانية، بحكم الجوار فقط". وتنبه الناشطة الحقوقية إلى أن "تميز البلاد بطفولة مهمشة يجعل منها حقلا خصبا يمارس فيه هؤلاء الأشخاص مكبوتاتهم"، مشددة أيضا على التساهل القانوني معهم، خاصة أنهم "في غالب الأحيان إما يحكمون بسنتين سجنا أو يتم ترحيلهم إلى بلدانهم"، وتتابع: "يتم التعامل مع أبناء المغاربة كأنهم لحم رخيص". يذكر أنه سبق لمحكمة النقض بالرباط أن قررت، في اجتهاد قضائي غير مسبوق، اعتبار الاعتداءات الجنسية على الأطفال جناية تصل عقوبتها إلى عشرين سنة، وذلك في ردها على حكم نقضه معتد على طفل مغربي لا يتجاوز عمره ثماني سنوات. ويأتي قرار محكمة النقض بعدما اهتز الشارع المغربي على وقع جريمة اغتصاب ومحاولة قتل في حق الطفل عمران من طرف من بات ينعت ب"وحش ليساسفة"، قبل أكثر من ثلاث سنوات، والذي سبق له أن ارتكب الجريمة نفسها ضد طفلين آخرين، وبالطريقة نفسها.