تواجه الحكومة المقبلة في المغرب، التي يقودها عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، مجموعة من التحديات والصعوبات، التي تحتاج "وصفة سحرية" لتجاوزها. تأتي الملفات الاجتماعية والاقتصادية على رأس هذه التحديات، إذ سيكون على حكومة بنكيران التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المغربي، واختلالات الميزان التجاري، وتراجع احتياطي العملة الصعبة، في حين سيكون، اجتماعيًا، مطالب بالوفاء بالعهود، التي تضمنها برنامجه الانتخابي، والتي يبقى من أبرزها رفع الحدّ الأدنى للأجور. أما في ما يتعلق بالشق السياسي، فستكون الأولوية للدستور الجديد، الذي ستعمل الحكومة المقبلة على تنزيل مقتضياته. وقال إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، إنه "لا يمكن الحديث عن حكومة في مستوى تحديات المرحلة، إلا في وجود تحالف حكومي على قدر من الانسجام"، مشيرًا إلى أن هذا الأمر "سيسمح بتجاوز الإكراهات والمشاكل التي اعترت العمل الحكومي السابق، الذي افتقد الانسجام، وهو ما انعكس سلبًا على مردوده في مختلف المجالات، سواء السياسية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، وغيرها". وأوضح إدريس لكريني، في تصريح ل "إيلاف"، أن "هناك تحديات كبرى تواجه العمل الحكومي"، مبرزًا أنه "يجب أن نكون أمام حكومة يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا وطلائعيًا حتى يجري نقل المغرب من مرحلة المخاض السياسي، الذي يعيشه الآن، الانتقال الديمقراطي الذي طال أمده، إلى مرحلة تتسم بديمقراطية حقيقية، وتأسيس فعلي لدولة الحق والقانون". وذكر المحلل السياسي أن من بين هذه التحديات... تنزيل المقتضيات الدستورية، التي جاءت بمستجدات تدعم دولة الحق والقانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعطاء الحكومة دورًا قياديًا في تدبير الشأن التنفيذي، موضحًا أن هذا المطلب لا يأتي إلا بتوافر شرط دعم استقلالية القضاء. أما التحدي الثاني، يشرح أستاذ الحياة السياسية، فيتمثل في تخليق الحياة العامة ومواجهة الفساد، ثم إيجاد حلول للمعضلة الاجتماعية. وبما أن مدخل هذه المعضلة لن يتحقق إلا بالنهوض بالأوضاع الاقتصادية، فإن فريق عبد الإله بنكيران سيكون مطالبًا بالبحث عن حلول لإخراج المغرب من "ضائقته المالية". في هذا الإطار، قال رضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد ونائب عميد كلية الحقوق في المحمدية، إن الحكومة المقبلة ستواجه تحديات كبيرة جدًا، خاصة في ظل المناخ الاقتصادي العالمي، الذي يعاني مخلفات الأزمة المالية، التي انطلقت فصولها في 2008، مشيرًا إلى أن "المناخ العالمي ما زال مضطربًا، ويتسم بعدم الاستقرار، ويتمثل ذلك في تراجع معدلات النمو في الدول المتقدمة، والتراجع في الإنتاج والطلب العالميين". وذكر الخبير الاقتصادي أن "هذه الحكومة ستكون مطالبة بضرورة الرفع من معدل النمو، الذي يمكن من خلق فرص العمل، إلى جانب إصلاح الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، ومحاربة الفقر والتهميش، وتأهيل الاقتصاد، والقطع مع اقتصاد الريع، والمضاربات، ومحاربة الرشوة، ونهج أساليب الحكم الرشيد، والحكامة الجيدة، والضرب على أيدي المفسدين، وناهبي المال العام". من جهته، أكد عبد السلام بنبراهيم، نائب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن الرفع من قيمة المعاشات بالنسبة إلى المتقاعدين، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وفتح إمكانيات جديدة للترقي الاجتماعي، وإعادة النظر في الرواتب، بما يضمن العدالة الاجتماعية، تبقى من أهم الملفات الموضوعة على طاولة عبد الإله بنكيران. وأضاف عبد السلام بنبراهيم، في تصريح ل "إيلاف"، "ننتظر أن يلتزم الحزب بما تعهد به في برنامجه الانتخابي، من إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، والوفاء بألف درهم شهريًا إلى الطبقات المهمشة". وأوضح المسؤول النقابي "نتمنى أن تفي الحكومة بالتزاماتها، وتعطي أكثر ما يمكن للشق الاجتماعي، الذي يمكن أن يكون بمثابة عرقلة للعمل الحكومي عن طريق النضال المشروع". يشار إلى أن حزب العدالة والتنمية، الفائز في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، ظل ينادي دائمًا بعدم اللجوء إلى خصخصة مؤسسات الدولة.