لم ينفع الوعد والوعيد الذي أطلقه عبد الحكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في وقف لقاء كبير وتجمع جماهيري قاده خصومه من أعضاء ما بات يعرف ب"تيار المستقبل"، في مدينة طنجة. فرغم التحذيرات التي وجهها بنشماش، وتذكيره للسلطات بشروط استغلال القاعات العمومية من لدن الأحزاب، فإن أعضاء التيار تمكنوا اليوم السبت من عقد لقاء موسع مع المئات من الأعضاء بجهة طنجةتطوانالحسيمة، وهو ما اعتبر بمثابة رسالة قوية للأمين العام ومن معه. وعرف اللقاء توجيه قيادات الحزب انتقادات واسعة للأمين العام الرافض الاعتراف باللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع، إذ شددت على ضرورة "إعادة بناء حزب الأصالة والمعاصرة كمشروع حداثي ديمقراطي، يستند إلى الديمقراطية الداخلية كوسيلة مثلى لبناء وتدبير الحزب، وبناء مشروع وطني له علاقات متميزة مع جميع الأحزاب". وأكد عبد اللطيف وهبي، عضو التيار وأحد الوجوه المرشحة لقيادته في المرحلة المقبلة، أن بناء الحزب "يتطلب القطع مع منطق الأهواء في القرارات، وخدمة المصالح الفردية، التي شكلت دائما ضررا وخطرا على مشروعنا، وأن نضع مصلحة الحزب فوق مصلحة كل فئة أو كل فرد، وأن نعمل على فهم آليات الفعل السياسي وتعقيداته بدقة، ثم نسعى إلى تحسين تقدير مواقفنا السياسية، لنجتهد في إيجاد أجوبة عقلانية وواقعية لمختلف الأسئلة المصيرية المطروحة على حزبنا ووطننا". وتابع وهبي وهو يقطر الشمع على بنشماش، ومعه العربي المحرشي، المساند له في هذه المعركة: "اليوم لا يمكننا أن نقبل المس بالديمقراطية الداخلية لحزبنا، أو الضرب بالتدبير والقرار الجماعي داخل هيئتنا، أو المساس باحترام سيادة وقرارات مؤسسات الحزب، فإما أن نكون ديمقراطيين أو لا نكون باميين". ولَم يقف قياديو الحزب عند هذا الحد، بل عملوا في لقاء دام ساعات أمس الجمعة على المصادقة داخل اللجنة التحضيرية على أوراق المؤتمر، والتي سيتم عرضها على المؤتمرين في بوزنيقة قبيل انتخاب الأمين العام الجديد. وحاول بنشماش استباق هذا التجمع، الذي تمكن فيه معارضوه من حشد عدد كبير من الأنصار، بالعمل على وقف عقده، إذ أصدر بلاغا يتبرأ فيه "من أي دعوة أو لقاء خارج المقتضيات القانونية للحزب"، موردا: "نعتبر أن الدعوة إلى عقد لقاء باسم حزب الأصالة والمعاصرة يوم 31 غشت بطنجة لا تخضع لأي أساس قانوني أو تنظيمي". ووجه بنشماش رسالة للسلطات بقوله: "نذكر السلطات الإدارية المختصة بقرار وزير الداخلية رقم 3136.11 الصادر في 12 من ذي الحجة 1432 (9 نونبر2011)، بالجريدة الرسمية عدد 5994، والمتعلق بتحديد شروط وكيفيات استعمال القاعات العمومية التابعة للدولة من لدن الأحزاب السياسية في إطار ممارسة أنشطتها؛ وعليه فإننا نعتبر أن أي مساس بمضمون هذا القرار لا يشكل مساسا بنص وروح القانون فقط، بل يشكل سابقة خطيرة من شأنها التطبيع مع حالات الفوضى والتسيب واللامسؤولية في علاقة الأحزاب بالدولة، ويعتبر، بالنتيجة، مساسا بمصداقية المؤسسات وسمعتها".