"لا تبك، لا تُزل السخط، تفهّم" سبينوزا العارفون بدواليب الإدارة المغربية وميكانيزمات اشتغال الأحزاب السياسية والشبكات الموالية لها وعقلياتها وسلوكياتها وممارساتها جميعا يدركون جيدا أنه عندما تنتشر إشاعات إعداد واقتراح الأسماء الجديدة (الكفاءات المنتقاة) للاستوزار والتعيين في المناصب العليا، سواء السياسية أو الإدارية، أو تغيير المواقع أو تبادلها بين الأطراف، عادة ما تُشل أعمال الإدارة وتُفرغ الدواوين وتُعطل الأطر والكوادر ويكثر الغياب واللامبالاة وتقل الاجتماعات الروتينية ويستفحل التسيب بكل أشكاله ومعانيه ويسود مناخ خاص في التعامل والسلوك في انتظار الذي يأتي ولا يأتي... وقد تطول المدة. غير أنه عامة، قليل منهم من يبالي بهذا الوقت الضائع والثمين في تقدير مصالح المواطنين والمقاولة، على السواء، وتدبير المرافق العامة، ودعم الاستثمار من رخص واستقبال ومداومة ومراقبة... في شتى المصالح المعنية. وكأني بهم يرددون، في انتظار الدخول السياسي وثورات أكتوبر المجيدة، بيت المتنبي: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم جل ثورات العالم، كما يقول بعض الملاحظين، حدثت في شهر أكتوبر. أليس أكتوبر بقريب؟ حالات الانتظارية القاتلة والهدر، الظاهرية منها والخفية، تحتاج إلى كشف المستور فيها، وآليات اشتغالها، وتقييم مخاطرها للوقوف على كلفتها عالية الثمن على الوطن، ونتائجها الوخيمة على التنمية لأنها تتسبب أساسا في تعطيل مشروع الثقة، وفي بناء نوعية حياة وصناعة مستقبل أفضل للمواطنين، وكذا مصالح المستثمرين والمتعاملين الأجانب. الدبلوماسية الاقتصادية للبلاد تبنى داخليا، والباقي أدبيات.. والواقع، كما خلص مصطفى حجازي في كتابه "الإنسان المهدور"، أن "كل حديث في الديمقراطية والتنمية مسألة نافلة مادام الشرط المؤسس والملزم لم يتوفر، وهو الاعتراف بالإنسان قيمة ومكانة وحصانة وقدرات ووعيا". وأضيف، علاوة على ذلك، توفر حكامة جيدة، واستراتيجية دائمة في تقييم المخاطر للتدبير الرشيد والمعقلن لمختلف مرافقه ومصالحه الآنية والبعيدة، فضلا عن ضمان تعبئته تعبئة شاملة، قوامها الثقة المتبادلة في تبني وتقاسم وتداول المشروع التنموي برمته، سواء أثناء هذا الوقت الميت اللازم للتعيين وللتنصيب أو خارجه. وقديما قيل: "الوقت كالسيف إن لم تقتله قتلك "