مع دنوِّ الدّخول السّياسي في المغرب، تناسلت العديد من توقعات إمكانية حدوثِ تعديلٍ حكومي موسّع، تماشياً مع توجيهات الملك محمد السّادس، عقب خطاب العرش الأخير، حتى صار الكلّ يتوقّع زلزالاً سياسيًا وحركية قلّ نظيرها في السّنوات السابقة، وهو ما يجعلُ دخول هذه السنة يتميّز بدينامية خاصة. وسيمرّ رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، من فترة عصيبة مقبلة لضبط التوازنات السياسية داخل أغلبيته الحكومية، في وقت تتصاعد حدة التقاطبات بين الأحزاب السياسية، من خلال خرجات متوالية للعديد من الوزراء؛ وهو ما ينذر بأن التعديل المقبل سيكون "قيصريا"، يهزّ الانسجام الضعيف بين مكونات الحكومة. ولا أخبار رسمية إلى حدود كتابة هذه الأسطر حول ما إذا كان العثماني قد اتّفق مع حلفائه في الحكومة على صيغة لطرح هذه التّعديلات، خاصة أنّ الموسم السّياسي المقبل سيكون منذراً بكثير من الأحداث ذات الطابع الاجتماعي، مع تصاعد حدّة الاحتجاجات. ونفى مصدر مقرّب من الحكومة أن يكون العثماني اتّصل بحلفائه في الأغلبية لمناقشة موضوع التعديلات الحكومية، لكنه أكد في مقابل ذلك أن رئيس الحكومة سيجتمع بهم خلال هذا الأسبوع لدراسة التوجيهات الملكية والعمل على تنزيلها. ويرى المحلل والباحث كريم عايش أنّ "التعديل الحكومي المرتقب، والذي يجب أن يتضمن عناصر التشبيب والكفاءة، يتضمن أيضا التقليص في إطار ترشيد النفقات، مع إشراك أطر القطاع الخاص في مناصب الإدارة العليا، وإعادة هيكلة الوظيفة العمومية". ويضيفُ الباحث في العلوم السياسية أن "ورش إصلاح الإدارة هو ورشٌ ضخم ستنكب عليه الحكومة بسبب تأخر إصلاح إعادة الهيكلة الإدارية، وسيخلق صراعات بين مكونات الأغلبية، ويسيل لعاب أحزاب أخرى مازالت تشتغل بمنطق اقتسام الكعكة". ويعتقد عايش أن "متاعب الحكومة ستزداد بعد أن صار تنزيل الجهوية عبر اللامركزية حتمية مستعجلة، ما سيبرز اختلاف الرؤى بين ما هو انتخابي واقتصادي واجتماعي في هيكلة التقطيع الجهوي، ليطرح سؤال استقرار التقسيم واحتمال تغييره بحلول 2020، ليس بسبب الانتخابات ولكن أيضا التحول الديموغرافي وتوسع المراكز القروية والحضرية". ويشدّد الباحث ذاته على أن "المغاربة سيضربون موعدا مع عودة مسلسل الاحتجاجات: الأساتذة المتعاقدون، المعطلون، طلبة كليات الطب، الأطباء، الممرضون، المتصرفون، مستخدمو الجماعات المحلية وبعض المهنيين؛ وذلك بسبب عدم وجود حلول مقنعة لملفاتهم المطلبية، وعجز القطاعات المعنية عن إيجاد صيغ توافقية بين المطالب والمقترحات في أفق إيجاد حلول". وسيعرف الشارع في العديد من المدن هذه المظاهر التي سيعقدها أيضا استمرار الأزمة الصامتة لمعتقلي الريف وغياب أفق حل للموضوع. وفي هذا الصّدد يؤكد عايش أنّ هذه الظواهر تطرح إشكالية نقد ذاتي ستحاول الأحزاب الاجتماع حولها، بعد أن غرقت في الانتقادات، سواء من قمة هرم السلطة أو المواطن البسيط الذي صار يربط الأحزاب بالفساد".