بخيار "سياسة الأقطاب الوزارية"، يحاول سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، استدراك الزمن القصير المتبقي من حياة حكومته؛ فأمام انسداد أفق الاشتغال بتشكيلة موسعة تضم منتدبين وكتاب دولة أيضا، يبدو أن العثماني قد استقر أخيرا على اعتماد عدد أقل من الوزراء، في انتظار تأشيرة الموافقة من الديوان الملكي. وحسب مصادر حزبية، ف"التوجهات الحكومية المقبلة ستعتمد على أقطاب وزارية أهمها الصناعي والثقافي والاقتصادي والتجاري، وسيتم حذف كل الإضافات التي أملتها سياقات تشكيل الحكومة الأولى"، مشيرة إلى أن "نقاش الأسماء غير مطروح حاليا، بحكم انتظار العثماني لرد الملك بخصوص التشكيلة أولا". ويمرّ العثماني من فترة عصيبة لضبط التوازنات السياسية داخل أغلبيته الحكومية، في وقت تتصاعد فيه حدة التقاطبات بين الأحزاب السياسية، من خلال خرجات متوالية للعديد من الوزراء؛ وهو ما ينذر بأن التعديل المقبل سيكون "قيصريا" يهزّ الانسجام الضعيف بين مكونات الحكومة. وسيضطر رئيس الحكومة إلى طرح كلّ ما في جعبتهِ لإنقاذ الدّخول السياسي المرتقب، خاصة مع تزايد الضّغط عليه مع دنو موعد افتتاح الدورة التشريعية التي عادة ما تكون مناسبة يلقي فيها عاهل البلاد خطاباً رسمياً يوجّه فيه عمل الحكومة. وفي هذا الصدد، أورد سمير والقاضي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن "اللجوء إلى الأقطاب لن يزيد الحكومة أية إضافة، لعدة اعتبارات يتقدمها التوقيت الذي جاء فيه التعديل الحكومي، ودنو أجل الانتخابات المقبلة"، مشيرا إلى أن "الشغل الشاغل للأحزاب في الوقت الحالي هو انتخابات 2021". وأضاف والقاضي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الانتقال إلى سياسة الأقطاب مؤشر على أن الحكومة في صيغتها السابقة كانت فاشلة، والأمور بالنسبة للمتتبعين كانت واضحة منذ البداية، بحكم اعتماد الحكومة على الترضيات، التي فرضها تكوين الأغلبية من 6 أحزاب؛ وهو ما يصعب الانسجام". وأوضح المتحدث أن "الترضيات نفخت في الحكومة عدديا بشكل كبير"، مسجلا أن كثرة الوزراء المنتدبين وكتاب الدولة دون اختصاصات محددة ومكشوفة أعاقت كثيرا اشتغال الأغلبية الحكومية"، مبرزا أن "فكرة الأقطاب قديمة حديثة، وتكرر مع كل موعد تشكيل حكومة، لكن إرساءها على أرض الواقع يبقى بعيدا". وأكمل أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية: "نجاح سياسة الأقطاب مرتبط بأن تكون للحكومة رؤية منسجمة ومتكاملة"، مشيرا إلى أن "غياب الانسجام والتفكير المتوافق هو سبب الأزمة الحكومية الحالية"، مسجلا في السياق نفسه "صعوبة استدراك العطب القائم، بحكم اقتراب استحقاقات تشريعية جديدة".