استقالاتٌ "غزيرة" تلك التي هطلت على مكاتب وزارة الصحة. إذ بعد أن قام 306 أطباء بتقديم استقالاتهم، وصل العدد الإجمالي لطلبات الإعفاء إلى 1300 استقالة قُدّمت إلى مختلف مديريات الصحة بالمملكة بمُختلف المدن، أبرزها الرباط وسلا والدار البيضاء وخنيفرة وتمارة والعيون وأكادير وكلميم. بالمُقابل، تتواصل مفاوضات وزير الصحة، أنس الدكالي، مع الحكومة من أجل تخصيص تعويضات جديدة للأطباء العاملين في القطاع الصحي العمومي، وكذا مُراجعة راتبهم الشهري، مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة المردودية. ومع استمرار مُسلسل الاستقالات والإضرابات في صفوف أطباء القطاع العام، يُرتقب أنْ تُشلّ الحركة بمختلف المستشفيات العمومية بالمملكة، باستثناء مرافق المستعجلات والإنعاش، مما سيُخلّف تداعيات منْ شأنها أن تُؤثّر سلبا على المنظومة الصحية بالمغرب. وفي هذا السياق، أكّد علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، أنّ "تخلّف الحكومة عن الاستجابة لمطالب أطباء القطاع العمومي هو العامل الأساسي الذي أفضى بهم إلى التهديد بالاستقالة الجماعية"، مُشيرا إلى أنّ "القانون لا يسمح إلاّ بالاستقالات الفردية، وهو ما سيمضي إليه الأطباء احتجاجا على مُختلف الأوضاع التي يعيشونها". "لقد بلغ السّيل الزُّبى"، يُضيف لطفي، الذي استطرد قائلا: "الطبيب لم يعد يُطيق ظروف العمل الشاقة والصّعبة، لا سيما في ظلّ الأجر الزّهيد الذي يتقاضاه في البداية، والذي يُعادل 8000 درهم، وهو مبلغ ضعيف بالمُقارنة مع أجور أبسط المهن بالمغرب، ومع ذلك يعتقد العديد من المغاربة أن أجره عال، وهو أمر خاطئ". ومُستدلاّ بتقرير لمنظمّة الصحة العالمية، أكد المُتحدّث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "المغرب من أبرز الدّول التي تعاني من الخصاص في صفوف الأطباء، وبالتالي فالاستقالة مقابل هذا الخصاص المُهول يدفعنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات التي تخصّ مُستقبل القطاع الصحي العمومي". وأمام استمرار إضراب طلبة الطب وتشبّثهم بالمُقاطعة، أبرز لطفي أنّ "قطاع الصحة أمام مشكل حقيقي؛ شبحُ السنة البيضاء أصبح يلاحق أطباء المُستقبل، بعدما كان يُنتظر تخرّج فوج جديد من شأنه أن يسدّ الخصاص الذي تعاني منه المُستشفيات العمومية"، مُطالبا في هذا الصدد حكومة العثماني "باتّخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة من أجل حلّ ملف الأطباء". وأضاف لطفي أنّ "المواطن الفقير سيجد صعوبة كبيرة في العلاج، ومن المُحتمل أن لا يجد طبيبا خلال السنوات المُقبلة"، وزاد قائلا: "ندقّ ناقوس الخطر إزاء كل هذه الأوضاع التي تعني أننا أمام تدمير للمنظومة الصحية بالمغرب". *صحافية متدربة