تحدثت في مقالي السابق عن المعوقات والأسباب الكامنة وراء عزوف العديد من الشبان عن الزواج كالأعراس وما تقتضيه من ترتيبات تتقل كاهل المقبل على شريعة الله . "" اليوم سأتطرق إلى موضوع آخر لا يخلو أهمية لكونه سبب أخر يكبل رجلي كل من حاول القيام بخطوات باتجاه الدخول إلى القفص الذهبي . حالة عديدة من الأزواج تستقبل المولود الأول بالزغاريد وأحياء الليالي الملاح ويعتبرونه ثمرة حب ،وهبة ربانية يؤتيها لمن يشاء من عباده ،وزينة الحياة الدنيا. وحالات أخرى تستقبله بالتذمر والسخط والنفور التام من الزوجة ،وقد يحتد الصراع ليصل إلى الطلاق ،ليكون أكبر المتضررين الابن الذي سيعيش حرمانا يسبب له عقدا نفسية تلازمه طيلة حياته. غالبا ما يتم الاتفاق بين الخطيبين، أتناء رسمهما لمخطط حياتهما المستقبلية من توزيع نفقات العرس في ما بينهما ،وتحديد مكانه والمدعون مرورا بالمكان الأنسب لقضاء شهر العسل ،ليستقران على ضرورة تأجيل الإنجاب حتى يتم الاستمتاع بحياتهما وتهيئ ظروف مناسبة لاستقبال أبنهما . وهناك من يؤجله على الأقل حتى يتم التعارف بينه وبين شريكة حياته والاقتناع التام ببعضهما على إتمام حياتهما تحت ظل سقف واحد. إلا أن الغالب والسائد هو تكسير هذه القاعدة من قبل غالبية الزوجات إن لم أقل كلهن، مما يحدث شرخا قويا بينهن وبين أزواجهن وخاصة إذا كان هؤلاء يعانون مشاكل مادية لا تسمح لهم بتحمل نفقات زائدة . وذلك ناتج عن مجموعة من الأفكار التي تم زرعها في عقول بناتنا وأخواتنا تستوجب التصحيح : كفكرة أن تناولهن لأقراص منع الحمل في البداية يؤدي إلى العقم مما يدفعهن لتأجيل مسألة تنظيم النسل إلى ما بعد إنجاب الطفل الأول. أخريات يعتقدن أن المرأة تحب بقلبها، والرجل يحب بشهوته ،فحبها باق وحبه متحول، وكلما تعددت العلاقات الجنسية بينهما كلما أحس بالملل واكتفاء ذاتي لحد التخمة يحاول بعدهما التخلص منها وتغييرها ، لذلك فهي تعجل بالإنجاب حتى تعطي لهذه الزيجة رابط أقوى وأمتن . نوع أخر يعتقد أنهن مهددات بسن اليأس في أي وقت لذلك فعليهن الإسراع بالإنجاب حتى لا يفوتهن قطار الأمومة. وسأتوقف عند نوعية من السيدات واللواتي لم يكن صريحات مع أزواجهن وزيفن مجموعة من الحقائق في فترة الخطوبة، وجعلنها تبدو بالشكل الذي يرضي المتقدم لخطبتهم ،لدلك يحاولن التسرع بالإنجاب حتى إذا ما تم اكتشاف الحقيقة يكون الأوان قد فات للتراجع . لما سبق ذكره نجد عددا كبيرا من الشباب يتهربون من الزواج لأنهم يعرفون مسبقا بأن عرس زائد تسعة شهور تساوي مولود ، معادلة حسابية صعب القبول بها مؤقتا وخاصة أولئك الدين لازالوا يتعثرون في طريقهم وهم يشقون مستقبلهم عبر صخور الحياة القاسية. إذا كنا نطمع أن نطور مجتمعنا علينا أن نضع مشاكلنا تحت المجهر ونسلط الضوء عليها لا أن نغرس رؤوسنا في الرمل ،ونتحجج بأن المشاكل المنزلية من الطابوهات والخطوط الحمراء التي يحرم التحدت بشأنها. فالبيت هو خلية من خلايا المجتمع ،الذي تهمنا مصلحته وهدفنا الأسمى هو الرقي به إلى الأمام ،لهذا وقبل أن نطالب بأي إصلاح علينا إصلاح تربيتنا داخل البيت والتي لا تتم إلا بالثقافة ومحاربة الجهل المعشش في أدمغة فئات عريضة منا مما جعلنا لقمة سهلة وطرية في أفواه بعض عديمي الضمير... انتظروا مني مقالات أخرى يوسف كرمي [email protected] مدونة الفن السابع