حركة 20 فبراير الشبابية ترمز إلى الربيع المغربي، وجل نشطائها من الشباب. خبراء ونشطاء مغاربة حاورهم موقع دويتشه فيله حول الخلفيات الاجتماعية لهذه الحركة الشبابية، وهم يرون ان الطابع الاحتجاجي ليس وحده ما يفسر خلفياتها. يشهد المغرب منذ 20 فبراير الماضي مظاهرات شبه اسبوعية في شوارع مختلف مدن البلاد. أغلب نشطاء حركة 20 فبراير شباب دون الأربعين. وفيما يتفق المحللون على أن الحراك الشبابي الذي يعرفه المغرب منذ شهور يتم بدافع الاوضاع الاجتماعية والسياسية لهؤلاء الشباب باعتبار أغلبهم عاطلين عن العمل أو غير راضين عن وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن بعض القراءات تحاول إعطاء الحراك الشبابي أبعادا أخرى كالبعد الثقافي. ويرى نجيب شوقي أن "ثورات الشباب العربي وثورة حركة عشرين فبراير في المغرب جاءت في سياق تمرد شبابي على القيم التقليدية السائدة على المستوى السياسي وعلى المستوى الاجتماعي وعلى المستوى الاقتصادي وأيضا ثقافيا". ويضيف المدون والناشط المغربي في حركة 20 فبرايرفي حوار مع دويتشه فيله، أن: "هذا الحراك جاء بقيم جديدة تنزع إلى الحرية تنزع إلى التعبير عن الرأي مهما كان صادما ومهما كان مكلفا ومهما كان مرفوضا من طرف السلطة أو من طرف رجال الدين أو من طرف أصحاب القرار في البلد". ومن جهته يؤيد الباحث فريد الزاهي رأي نجيب شوقي، ويقول في حوار مع دويتشه فيله هناك "خلفيات ثقافية لما يسمى اليوم بالحراك الشبابي. لعل أهمها شيخوخة النخب السياسية والثقافية والحكومية في البلاد العربية. فأنت تجد وزيرا أو مستشارا في بلدان أوروبية لا يتجاوز الثلاثين، في حين أن الشاب لكي يدخل المكتب السياسي لحزب معين أو لكي يعين وزيرا في بلد عربي، عليه أن ينتظر التجاعيد لتغزو وجهه". حضور للمرأة ورفض للزعامة المطلقة من أهم ملامح حراك الشباب في المغرب نزوع الشباب إلى القيادة الجماعية للحركات الشبابية "حيث أن هناك غياب القيادة الممركزة أو غياب البيروقراطية في تدبير الحراك حيث أن هناك ديمقراطية مباشرة وهناك انفتاح على كل مكونات المجتمع وهناك تعايش بين جميع الإيديولوجيات المشكلة للمجتمع" على حد تعبير فريد شوقي العضو البارز في حركة 20 فبراير. الباحث فريد الزاهي يعيب على الحركات الشبابية استسلامها في بعض الأحيان للإسلاميين لتجد نفسها "بين المطرقة والسندان لأنها قامت بما يمكن أن يجعل الجو يصفو للإسلاميين، لأنها حركة غير منظمة حزبيا وسياسيا". لكن بعض القراءات لانسحاب جماعة العدل والإحسان من حركة 20 فبراير تذهب إلى أن سبب ذلك يعود أيضا إلى عدم انسجام "فلسفتها" التي تقوم على الولاء والطاعة للشيخ مع "فلسفة" حركة عشرين فبراير التي تراهن على القيادة الجماعية وترفض العمل تحت إمرة مطلقة لزعيم سياسي أو شيخ ديني. واللافت ايضا في الحراك الشبابي بالمغرب الحضور المكثف للعنصر النسوي. تقول فاطمة اليوبي وهي ناشطة شابة في صفوف حركة 20 فبراير" المرأة كانت دائما مساندة للرجل في جميع الأصعدة في البيت وخارج البيت فإذا خرجت إلى الشارع فهي تفعل ذلك إيمانا بالمسؤولية ورغبة في مساعدة الرجل، فالأنوثة والذكورة جوهر الوجود البشري". شباب مسيس لكن خارج الأحزاب ويتداول السياسيون المغاربة فكرة مفادها أن الشباب المغربي عازف عن العمل السياسي ومتهرب منه، نجيب شوقي يفند هذا التوجه ويراه "خاطئا ومغلوطا" موضحا ان "حركة عشرين فبراير أثبتت العكس، فالشباب المتظاهر له وعي سياسي ولكنه متمرد على الأشكال السياسية التقليدية الموجودة في المجتمع". ويرجع شوقي سبب الابتعاد عن الأحزاب السياسية إلى "توريث الحزب يتم توريته للابن أو للأخ أو لابن العم. وتجد كذلك توريث فكرة الزعامة الدائمة أو الزعامة حتى الموت" ويضيف شوقي أن "الجيل القديم يرى أن الجيل الجديد غريب ومطالبه جريئة. فالجيل القديم لم يكن قادرا على البوح بمثل هذه المطالب التي ننادي بها بشكل علني وفي الشارع". سبب عزوف الشباب عن السياسة حسب فاطمة اليوبي يعود إلى" فقدان الثقة في الوعود التي تقدمها الأحزاب السياسية قبل كل حملة انتخابية". بدوره يعتبر الباحث فريد الزاهي أن" حركات الشباب جاءت تعبيرا عن تراكم من الخيبات الاجتماعية والثقافية والقيمية، وأيضا عن العجز والإحباط الذي عاشه الجيل الذي سبقهم، جيل الحركات الثورية الراديكالية. وهذا التعبير ليس سياسيا كلية. إنه مزيج من الرفض والاحتجاج الشامل غير المبرمج". أما فاطمة اليوبي فترى في هذه النقطة أن" الشباب يرغبون في تغيير الأشياء السلبية المترسخة في المجتمع وكذلك تصحيح أشياء أخرى". صراع أجيال أم مصالح؟ الباحث فريد الزاهي يتحفظ على فكرة اعتبار الحراك الشبابي مؤشرا على صراع الأجيال لأن" ما نسميه عادة صراعا للأجيال ليس سوى الشكل البسيط والتبسيطي لصراع المصالح الاجتماعية والرمزية. فالجيل هو صيغة لقول شيء آخر اسمه الزمن السياسي والاجتماعي. من ثم لا مجال للحديث عن صراع للأجيال بقدر ما أن الأمر يتعلق بتصدعات اجتماعية يقوم الشباب، لا باعتبارهم فئة عمرية وإنما باعتبارهم تكتلا اجتماعيا مصلحيا وحركة اجتماعيا بالتعبير عنها وعن فورانها". ويضيف الباحث الزاهي أن "شيخوخة النخب السياسية بالمغرب تعبير لاعن شيخوخة عمرية وإنما عن سكونية سياسية وغياب التربية السياسية الديمقراطية في الحقل السياسي" ، مستنتجا من ذلك ان الحراك السياسي الراهن هو"تعبيرعن تراكم من المعضلات، بعضها مزمن سياسيا وبعضها مزمن اجتماعيا، ويرغب المجتمع كليا في تغييره. إنها حركة تغيير يحركها الشباب وتحظى بانخراط كل من يؤمن بضرورات التغيير الجذري". ويذكر أن الحراك الشبابي كان سببا مباشرا في التعجيل بإصلاحات سياسية أبرزها التعديل الدستوري وإجراء انتخابات سابقة لأوانها فاز بها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ويطرح الخبراء أسئلة حول المستقبل، ومنها كيف سيتعامل الجيل القديم والأجيال الجديدة مع التطورات الحالية وما هو الاتجاه الذي سيأخذه الحراك الشبابي، هل سيتحولون يوما إلى العمل الحزبي أم أنهم سيتمسكون بآليات إشتغالهم عبر المدونات والمواقع الإليكترونية والتظاهر المباشر في الساحات العمومية والشوارع. *دويتشه فيله