نظرة سوداوية وحنَق كبير يتقاسمهما نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، جراء احتراق طفلة صغيرة وسط ألسن النيران أمام الملأ، في مشهد اعتبره الكثيرون بأنه "لا يليق بالتقدم الذي حققته المملكة على الصعيد الاجتماعي"، داعين إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة بخصوص هذه الفاجعة الإنسانية التي باتت تسائل منظومة الحماية الاجتماعية والأمنية الموجهة لشريحة الأطفال. مصطفى تاج، الكاتب الوطني لجمعية الشبيبة المدرسية، قال إن "الفاجعة قد آلمت جميع المغاربة الذين تابعوا تفاصيل الحادث المروع"، معتبرا أن "الضحية ماتت بسبب الإهمال المزدوج، المتعلق بالأسرة والدولة معاً، لأن الأسرة تركتها لوحدها قبل وقوع الحريق، الأمر الذي يسائل ظروف حماية الطفل داخل البيت، إلى جانب إهمال الدولة بسبب التدخل المحتشم لعناصر الوقاية المدنية". وأضاف تاج، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الحادث لا يمكن أن يقع في دولة تحترم نفسها، بوصفها تتوفر على مؤسسات وأجهزة لها ميزانيات فرعية مهمة، لا سيما أنها تسعى إلى عيش الرفاه على صعيد مجموعة من المستويات، من قبيل تنظيم المهرجانات واللقاءات، وكذلك ترويج صورة معينة عن المغرب، لكنه يفشل في إنقاذ طفلة من الموت في النهاية". وأوضح الفاعل عينه أن "المغرب وافق على عدة اتفاقيات دولية لحماية الأطفال. ومن ثمة، فإن الحادث يسائلنا جميعا؛ الدولة والأسرة والمؤسسات والمجتمع، بخصوص توفير السلامة الأمنية والحماية للمواطنين، خصوصا الأطفال الذين يوجدون في وضع قاصر"، داعيا إلى "ربط المسؤولية بالمحاسبة، من خلال فتح تحقيق ينبغي أن يُحاسب الأسرة في حال ثبتت مسؤوليتها بشكل يراعي وضعيتها النفسية، على اعتبار أن قوانين الدولة تسعى إلى تربية المجتمع، وحتى تكون الفاجعة درسا للأسر الأخرى، وكذلك تجب مساءلة الدولة من جهة ثانية". كما دخلت العديد من الهيئات الحقوقية على الخط، حيث دعت منظمة بدائل للطفولة والشباب "كلاًّ من المجالس المنتخبة والسلطات المحلية والوكالات الحضرية، إلى التنزيل الصارم لمعايير السلامة، وعلى رأسها منافذ الإغاثة للبيوت، ارتباطا بالتسييج الذي كان من بين الأسباب التي أدت إلى احتراق الطفلة هبة، لعدم وجود منفذ الإغاثة لمنزلها بالرغم من حداثة بنائه". وطالبت الهيئة ذاتها، في بيان تنديدي توصلت هسبريس بنسخة منه، "كل المؤسسات التي تسهر على التجارة العابرة للحدود، وخصوصا منها التجهيزات الإلكترونية المستوردة، بعدم السماح للأجهزة رديئة الجودة باقتحام السوق المغربية، اعتبارا للخسائر التي تخلفها إن على المستوى المادي أو البشري"، محمّلة "الحكومة مسؤولية ما وقع من حيث نجاعة تدخل عناصر الوقاية المدنية". "ندعو أولياء أمور الأطفال إلى عدم المغامرة بترك الأطفال وحيدين في البيوت، مع دعوتنا لمؤسسات التشريع إلى استصدار قوانين زجرية لكل من ثبت في حقه هذا النوع من الإهمال الأسري، إسوة بما هو معمول به في بعض الدول"، بتعبير المنظمة. من جهته، نبه المكتب التنفيذي للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى "الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للعاملين بقطاع الوقاية المدنية، من حيث جانب ضعف الأجر الشهري، حيث لا يسمح النظام المعمول به كنظام للأجور بإمكانية تعويض رجال الوقاية المدنية عن ساعات العمل الإضافي، والتعويض عن المخاطر التي يتعرضون لها، مع هزالة التعويضات حتى في حالة الوفاة، والتي قد لا تتجاوز 20 ألف درهم مع تعويض شهري لا يتخطّى ال 2000 درهم". وأشارت الهيئة إلى "المسؤولية التقصيرية للدولة في عدم تجهيز الوقاية المدنية بالعتاد والوسائل المتطورة الكفيلة بالتدخل الناجع لحظة وقوع الكوارث، من أجل الحفاظ على السلامة الجسدية للمواطنات والمواطنين، وبالأخص الفئات الهشة والمتوسطة، نتيجة طبيعة البناء الذي يتميز بالاكتظاظ والعديد من الاختلالات العمرانية التي تضرب في العمق مبادئ الوقاية والسلامة".