لم يصدق أحد أن تصل هزائم الاحتلال وجنوده وضباط مخابراته وكاميرات مراقبته وأجهزته الشرطية إلى ملاحقة طفل بعمر 4 سنوات، واستدعائه من البيت؛ بحجة إلقائه الحجارة على مركبة احتلالية. الطفل محمد ربيع عليان أيقظته والدته صباح اليوم باكرا وبدلت له ملابسه – حتى أنه لم يصل إلى سن يُمكنه من تبديل ملابسه بنفسه! - ليتوجه رفقة والده إلى مركز شرطة الاحتلال في شارع صلاح الدين وسط العاصمة المحتلة، حيث ستكون بانتظاره أجهزة أمن أفرادها لهم أجسام ضخمة وأعمار تتجاوز الخمسينات، حرس حدود وشرطة وضباط اشتركوا في حروب واشتباكات مسلحة ومواجهات عنيفة. لم يتوقع الاحتلال الضجة التي أثارها طلب الاستدعاء لمحمد ووالده، والانتشار الكبير للحكاية على مواقع التواصل، ما دفعه لمحاولة تدارك الموضوع والانسحاب تدريجيا ولو أمام الكاميرات والصحافة وبخاصة الأجنبية، والتي توافدت أمام مركز شرطته. محمد تم تجهيزه بعتاد رحلة ترفيهية، ملابس جديدة، ومسليات (شيبسات، وشوكو، وشوكولاتة، وسيريلاك)، في محاولة من والده لتخفيف الصدمة على طفله، في الطريق أخبره أنهما ذاهبان للسباحة والتنزه، لكن الواقع بقسوته كشف لمحمد طريقه، حيث سرعان ما بدأ بالبكاء حين شاهد جنود وضباط الاحتلال بانتظاره. محمد ينظر إلى السلاح، ثم يعود لحضن والده باكيا، بينما يحاول والده فهم ما يريده ضباط الاحتلال منه ومن طفله، طالبين منه إعادته لبيته، وأنه غير مستدعى، ولا يوجد تحقيق له، فأخرج لهم ورقة الاستدعاء التي تؤكد وجود اسم طفله واسمه. ربيع عليان في منتصف العشرينات من عمره، ويعمل في مجال التصليحات المنزلية، قال إن ضباط الاحتلال طلبوا منه أن ينتبه لطفله وألا يتركه يخرج للحارة، وألا يلقي الحجارة صوب مركباتهم المقتحمة للعيسوية! وهو تأكيد منهم أنهم فعلا أرادوا التحقيق مع الطفل لكن الضجة الكبيرة منعتهم من استكمال إجراءاتهم المخزية. وأضاف عليان: هددوني بأنهم في المرة القادمة سيأخذون محمد، وكان ردي بأن محمد لا يعرف أصلا ماذا يعني "جيش" ولا يعرف الحجارة! انظر هل هذا الطفل يعرف شيئا في الحياة؟ حتى أن ملامح الضابط تغيرت وحاول بأي طريقة التهرب وأن يقول أي كلام، دون أن ينسى في كل حوار تهديدي باعتقال محمد. الناشط في العيسوية، هاني العيساوي، قال ل "وفا": استدعاء طفل لم يصل إلى عامه الخامس بعد هو قمة الإفلاس عند الاحتلال، الذي حاول أمس وحتى صباح اليوم التنصل من الاستدعاء بعد انتشار فيديوهات وصور للطفل الذي أصبح مطلوبا لدى الاحتلال، حتى أنه جاء إلى بيت والده لتهدئة الأوضاع. وأضاف: الاستدعاء يطلب الوالد وطفله البكر، وأمام المحكمة وتواجد الأهالي والصحفيين خرج ضابط وألغى قرار استدعاء الطفل وقال بأنهم لم يستدعوه. وبين: كل يوم هناك محاولات لتركيع العيسوية، وكان آخرها إلقاء القنابل الصوتية مباشرة صوب البيوت والاعتداء الجسدي على النساء والأطفال والشبان داخل وأمام منازلهم بطريقة وحشية، وأدخلوا في الآونة الأخيرة في حربهم على العيسوية القوات الخاصة التي تستخدم مركبات عسكرية "السافان" التي تكون محملة بعدة الاقتحام كالسلالم الحديدية، وتحمل بداخلها 11 جنديا مدربا. وأشار إلى أن أطفال العيسوية لا يجدون متنفسا لهم لممارسة هواياتهم وألعابهم، حيث تفتقر القرية للخدمات الترفيهية التي تقدم للأطفال خلال العطل المدرسية، كالمخيمات الصيفية، والنشاطات الرياضية، والاجتماعية، والثقافية، ما يدفعهم للعب في الشوارع، والأزقة، والحارات، وما يجعلهم عرضة مباشرة لانتهاكات الاحتلال التي تقتحمها بشكل يومي. *وفا