لا خيارَات مُتاحة أمامَ الرّباط سوى انتظار ما قدْ تسفرُ عنه "تعْقيداتُ" السّياسة الأمريكية في علاقتها مع حُلفائها من أجلِ تزْكية السّفير الجديد للولايات المتحدةالأمريكية بمنصبه بالرباط، بعد تعْيينه في نونبر من عام 2017 خلفاً للسّفير السّابق دوايت بوش؛ فقد دخلَ مسلسل الشّغور عامه الثالث في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ولا أخبار رسمية تحملُ تزكية فيشر الذي عيّنهُ ترامب برتبة سفير مفوض فوق العادة لدى المغرب في نونبر من عام 2017، ماعدا خرجة وزير الصّحة الأمريكي، أليكس أزار، الذي توقّف عندَ العلاقات المغربيّة الأمريكية، واصفاً إيّاها، بمناسبة ذكرى عيد العرش، ب "المثالية والقوية"، دون أن يكشفَ عن أسباب تأخّر اعتماد السّفير المعيّن بالرّباط، الذي ينتظرُ منذ أكثر من 580 يوماً. وتقفُ خلف تأخّر اعتماد كبير الديبلوماسيين الأمريكيين في المغرب مبرّرات مرتبطة بموافقة الكونغرس الأمريكي، الذي لم يؤشّر بعد على هذا التعيين الدّبلوماسي، لكن تعذر ذلك يجعل المنصب شاغراً إلى حد الساعة؛ فيما تستمر ستيفاني ميلي في أداء مهام القائمة بأعمال السفارة، وذلك رغم مسارعة الإدارة الأمريكية إلى تعيين سفير لها لدى الجزائر في يوليوز 2017. ويرى عبد الرحيم منار السليمي، محلّل سياسي أستاذ باحث في العلاقات الدولية، أنّه لا يمكن الانطلاق من مسألة عدم تعيين سفير أمريكي للحكم على طبيعة العلاقات المغربية الأمريكية، معلّلاً موقفه هذا بعدد اللقاءات التي تمت بين المسؤولين الدبلوماسيين والعسكريين والأمنيين خلال مرحلة ترامب، يضاف إلى ذلك التنسيق الواضح في العديد من القضايا الدولية. ويرى السليمي أن مسألة تأخر تعيين سفير أمريكي في مرحلة ترامب بالمغرب لها تفسير مختلف تماما عن الرأي الذي يحاول التقليل من قوة العلاقات بين الدولتين، وذلك لكون سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب لا يكون لها سفيرا عاديا، وإنما يتم اختياره دائما من المحيط القريب جدا للرئيس ليكون على تواصل مباشر معه. وقدّم الأستاذ الجامعي في تحليله مثالَ السفير الأمريكي السابق بالمغرب، داويت بوش، الذي كان قريبا جدا من أوباما ولعب دورا كبيرا في تبديد الخلافات التي وقعت بين المغرب والإدارة الأمريكية خلال سنة 2013 عن طريق اتصالات مباشرة بالرئيس. وأوضح المصرّح لهسبريس أنّ "سفراء الولاياتالمتحدة يعينون في العالم حسب أولويات المناطق في السياسة الأمريكية والأولويات الجيو-استراتيجية والجيو-سياسية للدولة، والمغرب شريك له أولوية كبيرة في السياسة الأمريكية ليس فقط لعوامل تاريخية أو لحجم الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين طيلة العقود الماضية، ولكن أيضا للمكانة الاستراتيجية التي باتت توليها الولاياتالمتحدةالأمريكية لمنطقة المحيط الأطلسي وغرب المتوسط". وختم السلمي تصريحه قائلاً إن "أربع دول في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط يتم فيها تعيين سفراء يكون لهم تواصل مباشر مع الرئيس الأمريكي، هذه الدول هي السعودية وإسرائيل وجنوب أفريقيا والمغرب، لأن هذه الدول تشكل محاور ارتكاز استراتيجية كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية".