بعد توزيع محلات بسوق نموذجي بمدينة آسفي على الباعة الجائلين، الذين كانوا يحتلون الملك العمومي ب"حي الكورس"، بدأت الاحتجاجات تعم هذه المنطقة، مما دفع السلطة المحلية إلى التدخل لتحرير الملك العام. وفي هذا الإطار، وثق شريط فيديو مقطعا يصور عناصر القوات العمومية تقتاد من أمام إحدى الصيدليات الموجودة بحي الكورس بائعا جائلا، لفت سلسلة حديدية حول عنقه، ويداه مصفدتان خلف ظهره، مما أثار نقاشا حقوقيا، ودونت بصدده تدوينات بصفحات التواصل الاجتماعي، مستنكرة ذلك. وتعود تفاصيل هذا الحادث إلى يوم السبت الماضي، لحظة حضور اللجنة المحلية المكلفة بتنظيم الباعة الجائلين وتحرير الملك العام، الذي تم احتلاله من طرف مجموعة من الباعة الجائلين و"الفراشة"، إثر توزيع محلات السوق النموذجي "البركة" بحي الكورس بمدينة آسفي، مما أثار حفيظة المحتجين، الذين طالبوا بحقهم فيما استفاد منه زملاؤهم، على حد تصريحات متطابقة لهم. شريط فيديو، موضوع على الأنترنيت ومصور قبل تدخل القوة العمومية، يبرز المعني بالأمر وسط بائعين جائلين يقدمون تصريحاتهم، وهو مقيد بعربته بسلسلة حديدية تلف عنقه؛ كشكل احتجاجي على قرار تحرير السلطات للملك العمومي، يقول عثمان أبو مرية، فاعل جمعوي بمدينة آسفي. ما قاله أبو مرية تسنده معطيات استقتها هسبريس من مصدر مسؤول بالسلطة المحلية بمدينة آسفي، أوضح أن هذا "التصرف لا يعقل أن يصدر عن القوات العمومية ولا غيرها، لأن تقييد أي موقوف يكون من يده". وزاد قائلا: "لم يسبق للمغرب، حتى في عهوده السابقة، أن عرف هذا الأسلوب المهين في اقتياد أي موقوف؛ فما بالك بزمن تتأسس فيه الوثيقة الدستورية على مبادئ حقوق الإنسان؛ وتنتشر فيه آلات التصوير، منها ما هو ظاهر، وما خفي أعظم". وأوضح المصدر نفسه أن "تدخل أعضاء اللجنة جاء استجابة لطلب صاحب الصيدلية، وتجنبا لأي محاولة انتحار سيقدم عليها المعني بالأمر"، مشيرا إلى أن الأخير "استفاد من حيز مكاني لعرض سلعته بالسوق النموذجي "البركة"، لكنه رفض الالتحاق به". من جهته، قال حسن عابدات، رئيس المرصد المغربي لحقوق الإنسان والحريات بمدينة آسفي، إن "توزيع محلات سوق نموذجي على الباعة الجائلين كان حسب الاستحقاق المرتبط بالأولويات". وأضاف "وفي انتظار إعطاء الانطلاقة لسوق آخر في المستقبل، عرفت هذه المنطقة إنزالا لباعة جائلين آخرين"، مشيرا إلى أن "تدخل قائد المنطقة ضد احتلالهم الملك العمومي كان عنيفا". وأضاف عابدات أن "القائد توجه إلى المستشفى الإقليمي، بعد الاعتداء على الباعة الجائلين المحتجين، وصب جام غضبه على الأطباء بعد أن رفضوا، لأسباب أخلاقية ومهنية وحقوقية، تمكينه من شهادة طبية للعجز تتجاوز مدتها 21 يوما، كان يود توظيفها بسوء نية ضد من عرضهم للعنف". وأشار عابدات إلى أن هيئته الحقوقية حاولت الاتصال بعامل الإقليم، ولم تتمكن من ذلك، وأنها توصلت بوعد من مسؤولين بالسلطة المحلية والإقليمية بأنها ستتخذ الإجراءات القانونية المستعجلة، المعمول بها في هذا الصدد. من جهتها، لم تتأخر عمالة إقليمآسفي في إصدار بيان حقيقة حول ما نشر بخصوص "تقييد شخص باستخدام أقفال وسلاسل حديدية ووضعها على مستوى عنقه"، معتبرة ذلك "مجرد ادعاءات ومغالطات مجانبة للحقيقة التي رافقت هذه المنشورات". وأكدت العمالة في بيانها، الذي توصلت به هسبريس، أن الشخص الظاهر في هذه الصور بائع متجول قام من تلقاء ذاته، في شكل احتجاجي، بتكبيل نفسه بواسطة سلسلة على مستوى العنق، أحكم ربطها بقفل مع العربة المجرورة التي يعرض عليها سلعته. وأضافت أن هذا البائع قام خلال الأسابيع الأخيرة بحشد وتحريض الباعة الجائلين على مواجهة عمل السلطات العمومية، وعرض السلع بالشارع العام المقابل للسوق المذكور، مهددا، في تصريحات مصورة لأحد المواقع الإلكترونية، بالانتحار في حال منعه من البيع بالشارع العام.