رغم ارتفاع الأصوات في الجزائر، خلال الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد، المُطالبة بوقف الدعم عن "البوليساريو"، يُواصل النظام الجزائري الإشراف على تدريب وتأطير "أطر الجبهة" تحت غطاء ما يُسمى ب"الجامعات الصيفية للدولة الصحراوية"، التي انطلقت أمس في ولاية بومرداس الجزائرية. وخلافاً للسنة الماضية، رفعت السلطات الجزائرية من مستوى تمثيليتها في "الجامعة الصيفية" السنوية التي تنظمها "الجبهة" بولاية بومرداس، حيث حضر حفل افتتاح الجامعة رئيس البرلمان الجزائري، سليمان شنين، رفقة عدد من كبار الشخصيات العسكرية والدبلوماسية في الجزائر. ويشارك في "الجامعة الصيفية"، التي تستمر إلى غاية التاسع من شهر غشت المقبل، أزيد من 400 من نشطاء "البوليساريو" قادمين من مخيمات تندوف، فضلا عن نشطاء صحراويين قادمين من الأقاليم الجنوبية المغربية. وتشرف قيادات في الجزائر والبوليساريو، في هذا الموعد السنوي، على إعداد ما يُسمى ب"كوادر الجبهة"، من خلال تكوينات مختلفة في المجالات العسكرية والدبلوماسية والسياسية والحقوقية قصد تثبيت وتكريس خيار العداء التاريخي للوحدة الترابية للمملكة. وتزامنا مع افتتاح "الجامعة الصيفية"، دعا إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، إلى ضرورة الاستعداد لخيار العودة إلى الكفاح المسلح ضد المغرب. وقال غالي، في فيديو مُسرب على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الحرب ضد المغرب "محطة إجبارية وحتمية"، مشيرا إلى ضرورة الاستعداد للقتال ضد الجيش المغربي عبر فتح باب التطوع للانخراط في "جيش الجبهة"، قبل الوصول إلى مرحلة التجنيد الإجباري. الموقف التصعيدي للجبهة الانفصالية جاء، وفق زعيمها، بسبب ما اعتبره دعم القوى العظمى، بقيادة فرنسا، للموقف المغربي. كما هاجم غالي تعاطي منظمة الأممالمتحدة مع نزاع الصحراء، من خلال فشل مبعوثي الأممالمتحدة في إيجاد حل لهذا الملف. واعتبر العديد من المتتبعين دعوة غالي إلى الحرب بمثابة حملة انتخابية مبكرة، حيث تستعد البوليساريو لإعلان انطلاق التحضير لمؤتمرها بعد أسابيع. وخلف الفيديو، الذي سربته قيادة "الجبهة"، نقاشا حادا بين النشطاء الصحراويين، الذين أكدوا أن الخرجة الإعلامية تأتي للتغطية على "الفساد الذي كثر في عهد إبراهيم غالي، وهو ما يظهر من خلال شراء قيادة البوليساريو لمنازل في مختلف المدن العالمية بعد اختلاسها لأموال المساعدات الإنسانية". كما أوضح منبر إعلامي معارض لسياسة غالي أن ما تروج له قيادة الجبهة بمثابة تغطية على الأوضاع الكارثية والاحتقان الاجتماعي داخل المخيمات، وكشف "هجرة جماعية للقيادة الصحراوية إلى أوروبا هربا من حر الصيف الذي تفوق حرارته ال 50 درجة بمخيمات الصحراويين". وأضافت مصادر صحراوية أن إبراهيم غالي شرع في توزيع سيارات رباعية الدفع على بعض القيادات الصحراوية "لكسب قواعدهم الانتخابية في المؤتمر القادم"، مضيفة أن تصريحاته الأخيرة بالحرب ضد المغرب تأتي "لاستمالة أصوات القاعدة الشعبية عبر العزف على وتر العودة للكفاح المسلح". وخلصت المصادر ذاتها إلى أن جل القراءات للسياق الدولي والإقليمي تؤكد أن تصريحات غالي "بعيدة كل البعد عن الواقع، ولا تعدو كونها فصلا جديدا من التهديديات الروتينية للقيادة الصحراوية التي هددت أكثر من مرة بالعودة إلى الحرب، وهي التهديدات التي أصبحت مثار سخرية العدو قبل الصديق".