على بُعد 20 كيلومترا عن مدينة أكادير، و153 عن مدينة الصويرة، تقع جماعة تغازوت، التابعة لعمالة أكادير إداوتنان، وهي واحدة من المناطق المعروفة بجاذبيتها السياحية، لتوفرها على شواطئ تمتد على طول المحيط الأطلسي، جنوبا في اتجاه أكادير، وغربا في اتجاه الصويرة، شواطئ اكتسبت شهرة تجاوزت حدود الوطن، لنقائها والهدوء الذي يسودها، إلى جانب جوها المعتدل على طول السنة، ورمالها الذهبية. وبموجب التقسيم الإداري لسنة 1992، أُحدِثت جماعة تغازوت على مساحة تُقدّر ب 113 كيلومترا مربع، تحدّها شمالا جماعة التامري، وشرقا جماعة أقصري، وغربا المحيط الأطلسي، وجنوبا جماعة أورير. ويبلغ عدد سكانها، حسب آخر إحصاء رسمي لسنة 2014، حوالي 5260 نسمة، موزعة على مركز تغازوت و48 دوارا، تطل على ساحل المحيط الأطلسي، وينشط غالبية قاطنيها في مجال الصيد البحري والأنشطة السياحية. الزائر لمركز تغازوت السياحي، لا سيما خلال فترة الصيف، ستواجهه حتما صعاب على طول الطريق المؤدي إليه، خصوصا القادم إليه من مدينة أكادير، حيث يشهد المقطع الطرقي ازدحاما منقطع النظير، نظرا للأعداد الكبيرة من العربات المستعملة لهذا المحور الرئيسي، وغالبا ما تقع اصطدامات ومشاجرات، تزيد من اختناق حركة المرور، وهو ما يجعل كثيرا من الزوار، سيما العارفون بهذا الإكراه، يتجنّبون الذهاب إلى هذه الوجهة في أوقات الذروة، خصوصا خلال رحلة العودة. واستطاعت قرية تغازوت، بفضل مؤهلاتها الطبيعية، جذب أعداد كبيرة من السياح، من المغاربة والأجانب، من أجل الاستجمام بين أحضانها، والاستمتاع بما توفره من مقومات الترفيه، ضمنها شقق ومنازل مفروشة، مطلة على الواجهة البحرية، إلى جانب ما توفره من إمكانيات التنزه بغابة "تسكا أودرار"، ذات الشهرة العالمية، بتراثها الطبيعي المتكون من شجر الأركان والنباتات الشوكية المعروفة ب"الدغموس" وسلسلة جبال الأطلس الصغير. وإذا كان مركز تغازوت قبلة للسياحة الوطنية خلال فصل الصيف، والدولية في فصل الشتاء، وكأشهر موقع عالمي لممارسة الرياضات المائية، خاصة ركوب الموج، فقد ساهم ذلك في تركّز سلسلة من الاستثمارات الضخمة في المجالين السياحي والعقاري، إلى جانب عدة أوراش مفتوحة، غير أن ذلك ما زال لم يؤثر بالشكل الكافي على الإقلاع التنموي بعدد من المداشر والدواوير التابعة لهذه الجماعة، وفق إفادات استقتها هسبريس من عين المكان، والتي ظلت تئن تحت وطأة عزلة تنموية قاهرة. وفي تصريح لهسبريس، قال محمد بوعود، مستشار جماعي بتغازوت، إن "ما يُنجز حاليا بتغازوت من مشاريع تنموية يعود إلى دراسات سابقة، فالطرق بُرمجت منذ سنة 2013، ومشروع التطهير السائل بُرمج في سنة 2015، ولا تزال مجموعة من الأزقة بمركز تغازوت تعاني من غياب التهيئة، إضافة إلى الخصاص في بعض المنشآت الفنية على الأودية التي تخترق المركز، وهو الأمر ذاته بالنسبة إلى "أفتاس"، الذي لا تزال المطمورات تُفرغ فيه، ناهيك عن مشكل غياب وثائق الملكية ل 173 منزلا". وأضاف المستشار الجماعي أن "الشهرة التي تكتسيها تغازوت تستلزم تهيئة مداخلها لتكون في مستوى الشهرة الوطنية والدولية التي اكتسبتها، إلى جانب تعميم التغطية بشيطة التطهير السائل. أما بخصوص المداشر والدواوير، فلا يزال بعضها يعيش عزلة بفعل غياب ربطها بالطرق المعبدة، مما يُصعّب على الساكنة المحلية الولوج إلى مختلف الخدمات الخارجية. كما تعاني مجموعة من هذه المناطق من الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب، رغم إمدادها بسقايات، والأمر نفسه مع قطاع الصحة، الذي ينبغي تعزيزه بالموارد البشرية واللوجستية اللازمة لتخفيف معاناة الساكنة في التنقل للبحث عن الاستشفاء". من جهته، أوضح محمد بوهريست، رئيس المجلس الجماعي لتغازوت، أن حصيلة ثلاث سنوات من عمر الولاية الجماعية الحالية "رفعت الستار عن أهم المنجزات خلال 1095 يوما من العمل، وثمرة الجهود الرامية إلى الارتقاء بالجماعة، وتجويد خدماتها تجاه مرتفقيها ومواطنيها، حيث تم فتح مجموعة من الأوراش التنموية، التي من شأنها تحسين الظروف المعيشية وتسهيل الخدمات الجماعاتية للساكنة المحلية في أكثر من واجهة". وأضاف المسؤول الجماعي أن "تلك الأوراش هي حصيلة استثمار لموارد بشرية ومادية وتنظيمية في أعلى حدود طاقتها القصوى، حتى تتمكن من ترجمة انتظارات المواطنين إلى إجراءات عملية ملموسة في حياتهم اليومية، سواء تعلق الأمر بتجويد الخدمات الإدارية الجماعية أو تأهيل البنيات التحتية الأساسية أو تحسين مستوى الخدمات في قطاعات النظافة والتطهير الصلب والسائل والماء الشروب والكهرباء والإنارة العمومية، وتنشيط المجتمع المحلي رياضيا وثقافيا واجتماعيا، بالإضافة إلى وضع الأرضية اللازمة لإنعاش حركة التعمير وتنشيط الاقتصاد المحلي". وقال بوهريست إن "من عاودوا زيارة مركز تغازوت ونواحيه سيقف حتما على حجم النمو الذي عرفته هذه المنطقة، والتغيير الملموس الذي طرأ عليها خلال السنوات القليلة الماضية، حيث شهدت أكبر قفزة نوعية نحو التنمية الشاملة، فالكثير من النقط السوداء التي كانت تعكس صورة سلبية، أضحت مكانا مفضلا للسكان والسياح، فعلى مستوى وسط المركز تمت تعبئة كل الوسائل من أجل تنظيفه بشكل يومي ومستمر، وضمان نظافة الشواطئ، بعد رفع مؤشر دعم حملات النظافة، ضمن مقاربة تشاركية مع هيئات المجتمع المدني. كما أن مشروع الصرف الصحي له أهمية كبرى في حماية البيئة والموارد المائية والصحة البشرية". وفي قطاع التعليم، أوضح بوهريست أن جماعته "انخرطت في كل المبادرات الرامية إلى الحدّ من ظاهرة الهدر المدرسي ومحاربة الأمية، بشراكة مع مديرية التعليم وجمعيات الآباء والأمهات، ومبادرة التنمية البشرية وجمعيات محلية، وتوفير الظروف المثلى لإيواء التلاميذ. كما تم الانخراط في العناية بفئة الشباب، ثقافيا ورياضيا وفنيا، بالإضافة إلى توفير خدمة النقل المدرسي. وفي القطاع الصحي، تم اقتناء سيارة إسعاف، ونتوق إلى ترقية المستوصف القروي إلى مركز صحي من الدرجة الأولى". وعن المشاريع المستقبلية، كشف المسؤول ذاته أن الأمر يتعلق ب"مشروع مخيم تغازوت الدولي إبوذا، وتهيئة نقطة التفريغ بمرفأ الصيد التقليدي، وتتمة مشروع التأهيل الحضري للمركز، وإحداث سوق أسبوعي ومحجز جماعي، وإحداث دار الطالب، وتهيئة وتجهيز شاطئي أفتاس وإبوذا، وإعادة تهيئة الساحة العمومية، وإحداث ملعب رياضي، وتهيئة فضاءات خضراء، وتهيئة الأرصفة وتجهيزها بالإنارة العمومية، وتهيئة الأزقة، واقتناء شاحنة للنقل الاجتماعي، وتنظيم تظاهرة في رياضة سكيت بارك، حيث نتوفر على أول ملعب على الصعيد الوطني بمعايير دولية، بالإضافة إلى تعزيز أسطول النقل المدرسي وسيارات الإسعاف ونقل النفايات، والتفكير في إحداث مدرسة جماعاتية".