استمرارا لسلسلة التعديلات القانونية التي تهدف إلى محاربة ظاهرة الاستيلاء على العقارات "المستفحلة"، صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية تعديل قانوني يقضي بمنح السلطات القضائية حق اتخاذ إجراءات تحفيظية ل"عقل العقارات" ومنع التصرف فيها حين تكون موضوع تزوير أو استيلاء. التعديل شمل بعض المواد التي تخص المسطرة الجنائية، وتنص على الحماية القانونية للعقار عن طريق إجراء قانوني يجمّد التصرف في العقارات محلّ التقاضي إلى أن يتم البت في القضية بصفة نهائية. شكيب الخياري، القانوني والمختص في شؤون العقار، أوضح أن إجراء "عقل العقار" المستولى عليه منح لكلّ من النيابة العامة وقاضي التحقيق والمحكمة، وشمل "إبطال كل تفويت سواء بعوض أو بدونه، وسواء كان ذلك أثناء مرحلة البحث التمهيدي الذي يقوم به ضباط الشرطة القضائية، أو التحقيق الإعدادي الذي يقوم به قاضي التحقيق، أو أثناء عرض القضية على أنظار المحكمة، حين يتعلق الأمر بدعوى عمومية جارية، وذلك إلى حين البت في القضية بحكم نهائي". وأضاف الخياري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه، وبموجب تعديل سابق لمدونة الحقوق العينية ينصب في ذات السياق الحمائي للملكية العقارية، أصبح إجراء التصرفات العقارية بموجب وكالة يستلزم ضرورة التوجه إلى موثقين أو عدول أو محام مقبول لدى محكمة النقض من أجل إنجازها. واعتبر المتحدث ذاته أن الاستيلاء في الماضي كان يتم بسهولة عندما تستغل الثغرة القانونية القاضية بإمكانية الوكالات العرفية المصححة الإمضاءات التأشير على التصرف في العقار، والذي كان مدخلا لممارسة التزوير والاستيلاء بأريحية بسبب ما تمنحه المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية، حيث"لا يمكن لمالك العقار الذي تم تقييد بيع عقاره في الرسم العقاري بوكالة مزورة لمدة أربع سنوات أن يرفع دعوى داخل هذا الأجل، فيمنع بموجب القانون من استرجاع عقاره ولو أثبت استعمال التزوير". وتأتي هذه التعديلات على المسطرة الجنائية بعدما أشار تشخيص أجرته لجنة وزارية إلى أن ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وراءها أسباب عدة تساهم في تفشيها، أبرزها الاعتماد على الوكالات العرفية أثناء إبرام العقود الناقلة للملكية العقارية، ووجود قصور في التشريع الذي يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة لعقل العقارات محل الاعتداء. هذه التعديلات، حسب الخبير القانوني سالف الذكر، "لن تساهم في توفير حماية للملكية العقارية من الاستيلاء إلا إذا تمّت مراجعة المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية، عبر منح الرسم العقاري قوّة حمائية أكبر مما هو عليه الآن من هشاشة في مواجهة هذه الجريمة". *صحافية متدربة