المغرب يستعد لإطلاق 5G لتنظيم كان 2025 ومونديال 2030    الكشف عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    ينحدر من إقليم الدريوش.. إدانة رئيس مجلس عمالة طنجة بالحبس النافذ    الفتح الرباطي يسحق النادي المكناسي بخماسية    أمن البيضاء يتفاعل مع مقطع فيديو لشخص في حالة هستيرية صعد فوق سقف سيارة للشرطة    رابطة حقوق النساء تأمل أن تشمل مراجعة مدونة الأسرة حظر كل أشكال التمييز    بوريطة : العلاقات بين المغرب والعراق متميزة وقوية جدا        ميداوي يقر بأن "الوضع المأساوي" للأحياء الجامعية "لا يتناطح حوله عنزان" ويعد بالإصلاح    الملك محمد السادس يعزي أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    على سوريا المستقبل الزاهر مناديا    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    "البيجيدي": حضور وفد اسرائيلي ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب استفزاز غير مقبول    موانئ الواجهة المتوسطية: انخفاض بنسبة 17 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري عند متم نونبر الماضي    "نيويورك تايمز": كيف أصبحت كرة القدم المغربية أداة دبلوماسية وتنموية؟    متضررون من الزلزال يجددون الاحتجاج على الإقصاء ويستنكرون اعتقال رئيس تنسيقيتهم    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    حملة اعتقال نشطاء "مانيش راضي" تؤكد رعب الكابرانات من التغيير    "بوحمرون" يستنفر المدارس بتطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء            أخبار الساحة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط        فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللهم اجعلها رياحا لا ريحا..
نشر في هسبريس يوم 23 - 07 - 2019

هب أن الدول العربية - خارج جامعتها "العربية" طبعا - ارتأت إجراء استفتاء شعبي على مستوى الرقعة العربية كلها حول من يستحق الفوز ومن يبدو مستحقا للتتويج بالكأس الإفريقية، بالنظر إلى مجموعة معطيات آنية (على نحو ما يجري مثلا في اختيار ملكة الجمال هنا وهناك)، هل كان سيقع الاختيار على الجزائر في ما يشبه الإجماع أم لا؟.
هو تساؤل خيالي فقط، لا صلة له بالواقع المسطري أو الإجرائي، ولا صلة له بالفضاء العربي ككيان جغرافي أو سياسي أو حتى كتجمع رياضي، خصوصا أن الأمر يتعلق باختصاص قاري يتعلق حصراً بالاتحاد الإفريقي لكرة القدم. لكن هذا الخيال متصل حتما بهوية قيمية وتاريخية وقواسم عديدة مشتركة لا تغيب عنها العواطف المتراكمة، ولا تغفلها العقول المتصلة بالمعرفة والتأمل والتعلق بالجمال حيث نشأ وحيث كان.
وبعيدا عن أن أشكك في نوايا الإخوة التونسيين أو الليبيين أو الموريتانيين أو المصريين أو السودانيين أو الصوماليين أو غيرهم ممن في الأقطار الأخرى بلا استثناء، وحاشى أن أفعل، أود باختصار شديد جداً أن أركز على ما تبادله المغاربة والجزائريون طيلة هذه المدة من التباري الكروي في إطار كأس الأمم الإفريقية من تعاطف وتآزر ومودة عالية في ما بينهم، حتى إن الأعلام الوطنية المغربية والجزائرية تمازجت إلى حد تبني بعضهم البعض لأعلامهم وكأنها علم واحد وراية واحدة وهوية مشتركة، والحق كذلك بدلائل عدة لا تحتاج أصلا إلى عد أو حصر.
وقد كانت المباريات التي أجراها المغاربة بالنسبة للجزائريين كأنها نزالات وطنية جزائرية، كما كانت بلا شك المباريات الجزائرية كأنها مغربية قلبا وقالبا، بحماسها ومستوى تتبعها وتراكم العواطف المتصلة بها، والتي اجتمعت بين الكبار والصغار والذكور والإناث، حتى إن "الضجيج" الذي واكب انتصاراتها كان تعريفا ساطعا لمعنى الاحتفاء والبهجة بين الناس في مختلف المدن والقرى في ربوع المغرب من أقصاه إلى أقصاه !...
بل إن رياح المحبة تقاطعت بين المغاربة والجزائريين لتؤشر على ما وثقته الأحداث التاريخية المشتركة بالبصم والدمع وكل أساليب التفاعل، ولتحيط بكل الجزئيات في الثقافة والسياحة والرياضة، في الماضي والحاضر، في الألم والأمل، فتكاثف التواصل العائلي المباشر منه أو عبر وسائل الاتصال والتواصل المختلفة، لا بل حتى بين القلوب.. أم تراني مبالغا..؟!.
إذن هناك أشياء وجدانية عميقة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها أو الاستهانة بها، فالعالم لم يعد شاسعا وغامضا كما كان من قبل، كما لم يعد من اللائق الإبقاء على تلكم المسافة والهوة الواسعة بين القيادة والقاعدة (في المغرب أو في الجزائر أو حيثما كنا)؛ فكما صغر العالم وضاق الكوكب، ولم يعد الشرق شرقا ولا الغرب غربا، كذلك المسافات والطموحات لم تعد هي هي، لذلك وجب استنهاض الوعي أكثر. والوعي بالواجب أولى إن على المستوى الضيق أو على مستوى أوسع، ومن أوجب واجبات القيادة التجاوب مع نبض المجتمع والشعب، ومن أوجب واجبات القاعدة مساندة القيادة في مواجهة التحديات التي تساعد على التنمية والتطور ومواجهة الأخطار..
ولا شك أن الرياضة، وكرة القدم إحدى واجهاتها، دافع قوي لإثارة الحماس الجماعي في حب الوطن والتماسك لبلوغ الطموح المشترك في البناء. وكم كان مشرفا للمغرب وللجزائر على حد سواء (بدليل الفرحة المشتركة، إذ شهدت مدن الجزائر هزة حقيقية بفعل النصر الكبير، وشهدت مدن المغرب من جانبها أيضا نفس الهزة والفرحة بشكل تلقائي ومدهش...) أن يتحقق ما تحقق عشية الجمعة الماضي من خلال انسجام فريق متكامل، بعض عناصره جمعوا بين الانتماء للجزائر والمغرب معاً؛ فاللاعب رياض محرز مثلا أمه مغربية وأبوه جزائري، واللاعب إسماعيل بناصر والده مغربي ووالدته جزائرية، أو ليست هذه أخوة حقيقية؟.
ولا أحتاج القول إن الرسالة الملكية التي توجه بها العاهل المغربي عقب الفوز الكبير، والتي أوردت – في ما أوردت - أن "الأمر يتعلق بفوز بلد مغاربي جار وشقيق، وكأن هذا التتويج هو بمثابة فوز للمغرب أيضا"، أي نعم.. كأنه تتويج للمغرب أيضا، وهذه حقيقة لا مراء فيها.
اللهم اجعل ما جمع المغرب والجزائر في هذه الأيام رحمة ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً، اللهم اجمعنا على حسن التعاون والتآزر والتآلف، اللهم اجعل ما سيأتي من الأيام والشهور والأعوام بيننا أخوة صادقة وتعاوناً مثمراً وتعاضداً حقاً، اللهم اجمعنا دوماً على الخير والهدى وحسن الظن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.