دقت فيدرالية اليسار الديمقراطي ناقوس الخطر بخصوص مستقبل النقل العمومي في العاصمة الاقتصادية، منبهة إلى "غياب أي رؤية بعيدة المدى للسلطات العمومية تجاه النقل الحضري"؛ لاسيما أن الشركة المفوض لها تدبير القطاع لم تتبق لها سوى ثلاثة أشهر قبل أن ينتهي العقد الذي يجمعها بمجلس المدينة في أواخر سنة 2019، علما أنها تُشغل نحو 4 آلاف مستخدم، ومسجلة "سوء تدبير هذه الخدمة العمومية في الدارالبيضاء، التي تعتبر نموذجا مصغرا للمغرب بأكمله". وكشف التنظيم السياسي، خلال ندوة صحافية نظمت بالعاصمة الاقتصادية، مساء الثلاثاء، تحت عنوان "النقل العمومي في الدارالبيضاء..حكاية عن مأساة البيضاويين"، عن العديد من المعطيات بخصوص إشكال تدبير قطاع النقل الحضري بالمدينة. وعابَ الحزب على شركة "مدينة بيس" تشغيل 75 خطا من الحافلات فقط بدلا عن 154 المنصوص عليها في العقدة، ثم وجود 886 حافلة متداولة عوض 1207 حافلات بُرمجت في البداية. كما انتقدت الفيدرالية، عبر الدراسة التقنية التي عُرضت نتائجها في الندوة، "استئجار مرآبين للشركة، بمبلغ مالي يصل إلى 6.67 مليون درهم في السنة الواحدة، عوض تشييد مرآب يخص حافلات الشركة، وذلك بسعر لا يتعدى 18 مليون درهم؛ فضلا عن كون استثمار الشركة يقرب 600 مليون درهم، عوض الاستثمار المخطط له في العقد الذي يصل إلى 1616 مليون درهم"، دون أن تغفل حوادث الاحتراق المتكررة للحافلات، وتزايد حالات الاغتصاب داخلها. مصطفى شنّاوي، النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، قال في هذا الصدد: "طبيعتنا اليسارية تفرض ألاّ نكتفي بالمطالبة بالإصلاحات المؤسساتية والسياسية والدستورية، بل من واجبنا التركيز بشكل كبير على القضايا الاجتماعية، أي هموم المواطنين في معيشهم اليومي"، معتبرا أن "مدينة الدارالبيضاء مثال مُصغر لما يقع في المغرب من فوارق اجتماعية ومجالية شاسعة، ناهيك عن الخدمات العمومية المتردية للغاية، فضلا عن سوء تدبير الخدمة العمومية بصفة عامة؛ سواء تعلق الأمر بالتعليم أو الصحة". كما وجهت الفيدرالية أسهم الانتقاد إلى السلطة التي فوّضت للشركة تدبير القطاع، مؤكدة أن "لجنة المراقبة المنصوص عليها في العقد لم تعقد أي لقاء منذ 2008 إلى حدود 2016، ولم تُعِد التفاوض بشأن العقد الذي يجمعها بالشركة في فترة لاحقة، إلى جانب عدم تقييم جودة الخدمات العمومية المُقدمة للمواطنين، مع غياب أي إجراءات ملموسة للقضاء على النقل السرّي". وأضاف شنّاوي، في مداخلته التي افتتح بها الندوة، أن "مخططات الدولة يغيب فيها البعد الاجتماعي"، وزاد: "لعل النقل مثال مُصغر على ذلك، إذ نشير إلى كونه نقلا عاما وليس عموميا، لأنه مُخَوْصص بشكل مقنّع"، مبرزا أن وضعية النقل العمومي بالمدينة "تتداخل فيها العديد من الأبعاد؛ في مقدمتها تبذير المال العام وغياب الشفافية وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، ثم الارتجال في تدبير شؤون المدينة بشكل العام، بفعل انعدام الرؤية الواضحة". وتابع المتحدث ذاته: "سوف تنتهي عقدة الشركة الحالية، التي تدبر قطاع النقل بالدارالبيضاء، في أواخر دجنبر من الموسم الجاري. ونتخوف أساسا من الرجوع إلى نقطة الصفر، بسبب الاستمرار في نهب المال العام، ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر بخصوص هذه الأزمة..يمكن البحث عن صيغ أخرى من غير التدبير المفوض، لأننا نصرف أموالا طائلة دون أن يكون لها وقع على المعيش اليومي للمغاربة، ما مرده إلى توجه الدولة صوب الخوصصة بشكل تدريجي". وتضمنت الدراسة التقنية، مثلما استعرضها بعض أعضاء الحزب، العديد من البيانات بخصوص قطاع النقل الحضري في العاصمة الاقتصادية، من قبيل أن 62 في المائة من السكان يكتفون بالمشي فقط، أي لا يستعملون أي وسيلة نقل كيفما كانت؛ في المقابل، 13 في المائة من المواطنين يستعملون حافلات النقل العمومي، بينما يستعمل 12 في المائة وسائل النقل الخاصة بهم (السيارة...)، ثم تسعة في المائة من الناس يستخدمون سيارات الأجرة. لكن 77 في المائة من المستجوبين في الدراسة متذمّرون من وضعية الحافلات، ما دفع 80 في المائة إلى تفضيل "الطرامواي".