مُتفرّداً عنِ الجُموعِ التي حجَّت إلى مقبرة الشّهداء بالرّباط بجلباب صّيفي أسود ولحيةٍ كثيفة، ظهرَ عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، أثناءَ تشْييعِ جنازة أحد معارفهِ، حيثُ أوْصى الحضور قائلاً: "نحن نعيش في غفلة جماعية، يجب أن ننْهضَ قبل أن يأتيَ الآجالُ وأن نعودَ إلى الله". وبدا بنكيران متأثراً وهو يقدّم واجب العزاء لعائلة المتوفى، حيث قال: "لقد كانت امرأة غريبة، كانت متزوجة برجلٍ صالحٍ وكان هذا الرّجل من السّلف الصّالح كفيفَ البصر، كان يجلسُ في المسجد بزاوية وكنا ونحن صغار نجلس بجواره، نقرأ له من بعض الكتب، وكانَ يشرح لمن يقبل أن يجلس بجانبه المعاني، وقدْ تركناه على هذا الحال"، وأضاف: "أمر الدين هو أمر الله، وهو أمرٌ اختياري نابعٌ من القلب". ودعا الأمين العام السّابق لحزب العدالة والتنمية، وهو يعظ المشيعين، إلى "الاستقامة في أمور الدنيا، فلا المال ينفعُ ولا البنون ولا الجاه ولا قوة جسد ولا سلطان"، وفق تعبيره، قبل أن يضيفَ قائلاً: "لن ينفعك شيء في علاقتك بالخالق، هي قصة بينك وبين الله الذي خلقك وتودد إليك بإكرامك منذ كنت في بطن أمك وحفظك وأخرجك إلى هذه الدنيا وأطعمك وزجك ويسر أمرك كل بمقدار". وبلغة الوعْظ دائما، خاطبَ بنكيران، الذي كانَ مرفقاً بحراسه الشخصيين، الحاضرين قائلاً: "كل ما يتعلق به الناس في الدنيا هو فانٍ وسترجع إلى الله"، مضيفا: "يجب أن تصلح علاقتك مع الناس ووالديك والدولة والسّلطة، لكن قبل ذلك يجب فتح قنوات المصالحة مع الله". وأضافَ رئيس الحكومة السابق وسط القبور: "الله تعالى ليس خيار يختاره الإنسان ليعيش، الله اكتشاف، نحن مسلمون وكبرنا في وسطٍ تعلمنا فيه الإسلام بفضل الله والرسول والصحابة"، مبرزاً أنّ "الله شيء يكتشفه الإنسان في يوم من الأيام بنفسه، وحينما يكتشفه ينهض ويتغيّر ويطمحُ إلى التوبة النصوحة والعودة إلى الطّريق المستقيم". ودعا بنكيران، وهو واقف عند قبر المُتوفى، الحاضرين بلغة المرشد النّصوح إلى الاستقامة في الدنيا، وقال: "نحن نعيش في غفلة جماعية، يجب أن ننهض قبل الآجال من خلال البحث عن الله"، معتبراً أنّ "مسألة الدين محدودة بين الخالق والمخلوق، وليس لأحد دخل فيها، ولا يمكن فرض الوصاية على النّاس في اختياراتهم الدينية".