كشف المقياس العالمي للفساد الخاص بإفريقيا، في نسخته العاشرة لسنة 2019، أن 53 في المائة من المغاربة يعتقدون أن مستوى الرشوة ارتفع خلال الاثني عشر شهراً الماضية. وأوردت معطيات التقرير، الذي أنجزته منظمة الشفافية الدولية ترانسبرانسي بشراكة مع منظمة "أفروبارومتر"، أن 31 في المائة من المغاربة الذين ولجوا الخدمات العمومية أدوا رشوة مقابل ذلك في الفترة الماضية. ولا يؤمن أغلب المغاربة المستجوبين ضمن هذا المسح أن حكومة العثماني تقوم بعمل جيد لمحاربة الرشوة، وذلك يتجلى في اعتقاد 74 في المائة منهم أنها تقوم بعمل سيء لمواجهة الظاهرة. ويصل معدل الرشوة بشكل عام في المغرب، حسب التقرير، إلى 31 في المائة، مقابل 48 في المائة سنة 2015، وفي المدارس العمومية تصل النسبة إلى 6 في المائة، أما النسبة الأكبر فتسجل في المصحات والمراكز الاستشفائية العمومية ب32 في المائة، والشرطة ب31 في المائة. أما فيما يخص تصور المغاربة للمسؤولين، فإن 41 في المائة منهم يعتقدون أن أعضاء البرلمان مرتشون وفاسدون، وتصل هذه النسبة إلى 39 في المائة بالنسبة إلى رئيس الحكومة، و37 في المائة بالنسبة إلى أعضاء الحكومة، و24 في المائة بالنسبة إلى الشرطة، و26 في المائة بالنسبة إلى القضاة، و11 في المائة بالنسبة إلى رجال الدين وهي أدنى نسبة. وجاء في التقرير أيضاً أن واحدا من أصل أربعة أفارقة يؤدون الرشوة للولوج إلى الخدمات العمومية، مثل الصحة والتعليم؛ وهو ما يعادل 130 مليون شخص. وشملت الدراسة 47 ألف مواطن إفريقي موزعين على 35 دولة إفريقية لرصد تصوراتهم وتجاربهم المباشرة حول الرشوة والفساد في دولهم، وهو بذلك يُعتبر المسح الأكبر والأكثر تفصيلاً، وفي المغرب شمل هذا المسح ما مجموعه 1200 مواطن. وتكشف نتائج هذا المسح أن أكثر من نصف المواطنين في هذه الدول يعتقدون أن الفساد يزداد سوءًا في بلدانهم، و59 في المائة من الناس صرحوا بأن حكوماتهم تعمل بشكل سيء للتصدي له. ويؤكد التقرير أن الرشوة تؤثر بشكل مختلف على الفئات، بحيث يدفع الناس الأكثر فقراً رشاوى تضاعف ما يدفعه الأغنياء، كما أن الشباب يضطرون لدفع رشاوى أكثر من الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً. وسجل أعلى معدل للرشوة في القارة الإفريقية جمهورية الكونغو الديمقراطية بحوالي 80 في المائة، بناءً على نسبة الأشخاص الذين أدوا رشوة مقابل خدمات عمومية في ال12 شهراً الماضية، تليها ليبريا ب53 في المائة، ثم سيراليون ب52 في المائة، أما أدنى مستوى فسجل في موريشيوتس ب5 في المائة، وبوتسوانا ب7 في المائة والرأس الأخضر ب8 في المائة. وقالت باتريشيا موريرا، المديرة التنفيذية لمنظمة الشفافية الدولية، إن "الفساد يعوق التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في إفريقيا"، واعتبرت أنها "عائق رئيسي أمام النمو الاقتصادي والحكامة الجيدة والحريات الأساسية مثل حرية التعبير وحق المواطنين في مساءلة الحكومات". وأضافت المسؤولة في تقديمها لهذا التقرير أن الحكومات أمامها طريق طويلة لاستعادة ثقة المواطنين والحد من الفساد المستشري في بلدانها. وحسب التقرير، فإن جهاز الشرطة يُعتبر أكثر المؤسسات فساداً في القارة، حيث يعتقد 47 في المائة من الناس أن أغلب أو كل رجال الشرطة مرتشون، وكثير من الناس يعتقدون أيضاً أن المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين فاسدون بمستوى أكبر بنسبة تصل إلى 39 في المائة و36 في المائة على التوالي. وقال بول بانوبا، المستشار الإقليمي للشرق الأوسط في منظمة الشفافية الدولية: "لتخفيف وقع الفساد على الناس العاديين، يتعين على الدول الإفريقية المصادقة على اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته". وتحث منظمة ترانسبارنسي الدولية الحكومات على وضع التزامات لمكافحة الفساد، عبر إجراءات عدة؛ على رأسها التحقيق، ومحاكمة ومعاقبة المتورطين في جميع حالات الفساد المبلغ عنها من عموم الناس والقطاع الخاص بدون استثناء. كما تدعو المنظمة إلى تبني ممارسات التعاقد المفتوحة وجعل البيانات والوثائق أكثر وضوحاً وأسهل في التحليل وضمان الشفافية في إجراءات التوظيف، وإحداث آلية لجمع شكايات المواطنين وحماية المبلغين عن الرشوة لضمان تمكن المواطنين من الإبلاغ عن حالات الفساد والرشوة دون خوف من الانتقام. وتوصي المنظمة أيضاً بتمكين وسائل الإعلام والمجتمع المدني من مساءلة الحكومات، ودعم شفافية تمويل الأحزاب السياسية والسماح بالتعاون عبر الحدود لمكافحة الفساد.