نظمت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ندوة يوم 10/7/2019 بالدار البيضاء حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وأبرزت بعض التدخلات (الدكتور عبد العزيز العتيقي) المقتضيات الخطيرة التي من شأنها أن تصيب ممارسة هذا الحق بالشلل، وأنه ربما سيؤدي إلى ردود فعل غير منظمة، وهو ما قد يمس بمصداقية القانون المنتظر، بينما أكدت تدخلات أخرى بالندوة على اتجاه مشروع القانون إلى تقليص مشروعية حق الإضراب، وهو ما قد يمس بدستوريته، وذلك ما سيسائل بالطبع المحكمة الدستورية لتقول كلمتها فيه لما سيعرض عليها طبقا للقانون (الدكتور محمد الشرقاني). أما الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عبد القادر الزاير، خليفة الزعيم التاريخي محمد نوبير الأموي لهذه المركزية النقابية، فقد نبه في تدخله إلى ضرورة تشكيل لجنة لوضع مشروع قانون ممارسة حق الإضراب بصيغة توافقية وتفاوضية، لما في ذلك من مصلحة للبلاد. وأكدت الكونفدرالية ضرورة التنصيص على مبدأ التفاوض الجماعي ثلاثي الأطراف، كما تنص على ذلك تشريعات منظمة العمل الدولية ووفقا للمنهجية التي أخرجت بها مدونة الشغل لسنة 2003، وأنهت تدخلها بالتذكير بالمطالب التاريخية للنقابات وللطبقة العاملة وهي: 1. ضرورة المصادقة على الاتفاقية الدولية 87 المعتمدة من طرف مؤسسات منظمة العمل الدولية لما لها من ارتباط وثيق الصلة بممارسة الحق في الإضراب. 2. إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي. وعلى هامش تداول ومناقشة مشروع القانون التنظيمي للإضراب بالمغرب الذي ينتظر شهادة ميلاده منذ دستور سنة 1962، نذكر هنا ببعض المعطيات: عرّف قرار حديث للغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 6/2/2006 الإضراب بأنه "كل توقف عن العمل جماعي كلي ومدبر بهدف تقديم مطالب إلى المشغل". المشرع الفرنسي مثلا وحتى عهد قريب لم يصدر قانونا للإضراب نظرا لصعوبة تنظيمه بسبب تناقض مصالح الأجراء مع مصالح أصحاب المقاولات ومعهم الدولة بصفتها أكبر مشغل في القطاع العام، فالعمال يريدون ممارسة الإضراب وفق تصورهم لكي يمارسوا ضغوطا على المشغل حتى يرضخ لمطالبهم، وأصحاب العمل يريدون استمرارية المرفق العام والإنتاج وحرية العمل، ولهذا نجد المجلس الدستوري الفرنسي–في قرار له بتاريخ 25/7/1979-أعطى الحق للحكومة لكي تتخذ بعض التدابير حتى لا تتوقف المرافق العمومية أثناء ممارسة الحق في الإضراب (ولا سيما بالنسبة لبعض المصالح ذات الطابع المستعجل أو الحيوي). والحق يقال، إن منظمة العمل الدولية شرعت في الكثير من المجالات وأصدرت أكثر من 180 اتفاقية دولية ولكنها أحجمت عن التشريع في موضوع "الإضراب"، لماذا؟ الفقه الفرنسي يرى في الإضراب أنه أكثر القوانين المختلف حولها التي يتعذر تحقيق الإجماع حولها. ولهذا من الصعب صدور مثل هذا النص في غياب التوافقات أو التفاهمات. الأكيد أن المغرب شهد تطورا للعلاقات المهنية خلال ما يقرب من 60 سنة في غياب تام لقانون الإضراب، فهل قانون الإضراب سيصدر عاجلا أم آجلا؟ سيصدر حتما... لكن بعد تفكير عميق و100 تخميمة وتخميمة... وتروٍّ. أو هكذا نعتقد ونأمل. *دكتور في الحقوق