في العام 2005 وتحديدا منذ أن بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ببناء جدار الضم والتوسع العنصري في منطقتي القدس وبيت لحم، بدأت معاناة أهالي حي "وادي الحمص" التابع لأراضي قرية صور باهر جنوب شرق مدينة القدسالمحتلة تظهر وتتفاقم بشكل تدريجي. أراضي الحي البالغة مساحتها (6000) دونم، قسمت إلى شطرين مع استكمال بناء الجدار، وقع نصفها داخله ومثله خارجه، وهي منطقة تصل حدودها من صور باهر إلى دار صلاح وقريتي النعمان والخاص والعبيدية وبيت ساحور في محافظة بيت لحم. وأمام قرار الاحتلال الذي صدر قبل حوالي شهر بهدم حوالي 100 شقة سكنية تقع داخل الجدار، نحن أمام تهديد جدي للمواطنين الفلسطينيين بالنزوح والتهجير بسبب الإجراءات العسكرية التعسفية التي تنتهجها حكومة الاحتلال بحقهم، ما خلق تخوفات من أكبر عملية نزوح جماعي منذ العام 1967، إذا ما تم تنفيذ القرار في الثامن عشر من الشهر الجاري. وقال رئيس لجنة الخدمات في "وادي الحمص" حمادة حمادة، إنها أراضٍ تخضع للسيادة الفلسطينية حسب اتفاقية أوسلو، وتقع خارج حدود "بلدية القدس" ومصنفة "A-B-C". وأشار حمادة في حديث خاص ل "وفا"، إلى أن أراضي وادي الحمص تضم ثلاثة أحياء وهي: وادي الحمص، ودير العامود، والمنطار، ويقدر عدد سكانها (6000) نسمة، وأنه مع الحاجة الملحة للتوسع العمراني لجأ عدد من سكان صور باهر إلى البناء في أراضيهم التي يملكون فيها أوراق الطابو "كوشان تركي"، وبقيت الأمور عادية دون تنغيص حتى قيام الاحتلال ببناء الجدار، بعدها بدأت المشاكل والمعيقات الاحتلالية بملاحقة المواطنين وإخطارهم بمنع البناء والتهديد بالهدم. وأضاف أنهم لم يتمكنوا من تلقي الخدمات مما يسمى "بلدية القدس" التي رفضت متذرعة أنها أراضٍ تابعة لنفوذ السلطة الوطنية، وبالمقابل عزل الجدار المنطقة ومنع السلطة الوطنية من إيصال خدماتها إليها، مشيرا إلى انه عندما كان يذهب ويتحدث باسم السكان في بلدية القدس مطالبا بالخدمات قبل إقامة الجدار، كانوا يقولون لي "أنت في منطقة تابعة للسلطة الفلسطينية، اذهبوا إلى أبو عمار حتى يساعدكم". وتابع حديثه، إن كافة المباني فيها تراخيص قانونية من قبل الحكم المحلي في بيت لحم، بناء على تقسيمات اتفاقية أوسلو، مشيرا إلى سوء الأوضاع الحياتية بسب غياب البنية التحتية من مجاري ومياه وحتى طرق معبدة وفوضى عملية البناء التي كان فيها المواطن يتسابق مع الزمن خوفا من إجراءات المحتل. ونوه إلى أن جميع المواطنين فيها مهددون بسحب الهويات الزرقاء منهم وعدم تلقي الخدمات الطبية في مستشفيات إسرائيلية، مؤكدا أن عددا كبيرا منهم يواجهون صعوبات جمة في عملية تسجيل أبنائهم في هوياتهم الشخصية، وان هناك عددا من الشبان والفتية والأطفال منهم من هم فوق 22 عاما بدون وثائق مدنية. "بنتي لا تتجاوز ثلاثة أعوام الآن هي بدون وثائق ولا تملك إلا شهادة ميلاد بدون رقم". وقال حماده، "هناك سياسة واضحة لتفريغ المنطقة لتكون امتدادا للمستوطنات المحيطة، أنا شخصيا ادفع (2000) شيقل للتأمين الصحي الوطني كما يسمى في قانون إسرائيل، رغم ذلك لا أتلقى أية خدمات. وأشار إلى أن أهالي صور باهر هم لاجئون فلسطينيون لديهم بطاقات من الأممالمتحدة وبالتالي يتطلب الأمر حمايتهم وعدم ترحيلهم مرة أخرى، مؤكدا أن قرار الهدم ينص على قيام أصحاب المباني والمنشآت بهدمها حسب اتفاقية معهم، وإذا لم يتم ذلك سيقوم الاحتلال بهدمها على نفقة المواطن والتي تصل أحيانا إلى 100 ألف شيقل. وأضاف أن الخطورة تكمن، انه إذا تم هدم الشقق ال (100) فان الأمر سيكون منساقا على المباني في المنطار ودير العامود، وبالتالي نزوح أكثر من (6000) مواطن عن منازلهم وأراضيهم لتكون الهجرة الأكبر منذ العام 1967. محافظ بيت لحم كامل حميد طالب بتشكيل لجنة مشتركة بين محافظتي بيت لحم والقدس والوزارات وكذلك لجنة من الأهالي والمجلس القروي من اجل العمل المشترك لإفشال كل المخططات الاحتلالية في المنطقة. وقال، "علينا جميعا أن نتعاون معا من أجل الحد من الأطماع الاستيطانية في المنطقة، خاصة وبيت لحم بشكل عام، الأمر يتطلب التركيز على الجانب القانوني وكذلك تقديم كل أشكال العون والمساعدة للسكان من بنية تحتية من مجاري ومياه وكهرباء هذا من خلال لجنة مشتركة لتخفيف الضرر عليهم". وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك تفاهم واضح حول برنامج عمل مقاومة سلمية من حيث نصب خيم للاعتصام، وتوسيع المشاركة الشعبية كما حدث في الخان الأحمر، مؤكدا أن بيت لحم تتعرض في الفترة الأخيرة إلى هجمة استيطانية مسعورة واقتحامات متكررة. من جانبه قال مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية ل "وفا"، أن منطقة وادي الحمص شكلت حالة استقطاب للسكان المقدسيين الهاربين من صخب الحياة هناك تحت القانون الإسرائيلي الجائر من" ارنونا" وغيرها، لافتا إلى أن القرار يشمل أيضا بنايتين "منزلين" خارج الجدار. وأشار إلى أن قرار الهدم الذي صدر جاء من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية وفق توصيات الجيش الإسرائيلي علما أن المنطقة لم تشهد بتاتا أية أحداث أمنية أو مواجهات، بل ارتكبت قوات الاحتلال جريمة بحق أحد الشبان من الخليل عندما أطلقت الرصاص عليه وهو يحاول الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان المبارك. وأضاف أن المنطقة هادئة لكن هناك محاولات من قبل الاحتلال لخلق توتر في المنطقة من اجل خلط الأوراق وتنفيذ مخططاته لهدم المنازل وتثبيت الجدار لدواعي أمنية حسب وجهة نظرهم، مشيرا إلى أن الجدار غير شرعي ويعود بالضرر وفق قرار محكمة لاهاي عام 2008. وكشف بريجية إلى انه سيصار قريبا إلى نصب خيمة تضامن في المنطقة خارج الجدار، كما ستكون في المنطقة صلاة الجمعة القادمة، مشيرا إلى أنه تم اختيار المنطقة بحكم سهولة الوصول إليها من شخصيات ووفود دون إعاقة. إلى ذلك قال مدير عام الحكم المحلي في القدس موسى الشاعر، "انه عمل إلى تشكيل لجنة خدمات في وادي الحمص، ودير العامود، والمنطار، بتوجيهات الوزير في العام 2018، بهدف تقديم الخدمات وتكون الجهة المخولة للتعامل مع الجهات ذات الاختصاص". وأشار الشاعر إلى أن منح تراخيص البناء في المنطقة مستمر بحكم أنها حسب أوسلو تابعة للسلطة الوطنية، وان هناك مشاريع سيتم تنفيذها في الفترة القادمة من تأهيل الشوارع وإقامة خطوط مياه الشرب، علما أن الحكم المحلي يمنح شهريا للجنة الخدمات (50 ألف) شيقل كمصاريف تشغيلية ولتعزيز الصمود. وأوضح أن المنطقة تتبع إداريا إلى القدس، لكن في فترات خوّل للحكم المحلي في بيت لحم منح تراخيص البناء فيها. *وفا