بمجرد انطلاق أولى إشارات الثورة في تونس بسبب استشهاد البوعزيزي في تونس، سرعان ما هب نسيم الربيع العربي على المغرب، فقررت مجموعة من الشباب أطلقت على اسمها 20 فبراير، إشارة منها إلى نزولها في أول تظاهرة في الشارع يوم 20 شباط/ فبراير، للتنديد بالفساد والمطالبة برحيل بعض الوجوه التي تورطت في ملفات تبديد المال العام. تضاربت آراء الأحزاب السياسية بشأن التعامل مع هذه الحركة الفيسبوكية، فوقع اصطفاف في المشهد الحزبي بين مؤيد ومعارض، فمن بين المطالب الجهورية التي شددت عليها الحركة "الشعب يريد إصلاح الدستور"، هذا الدستور الذي لم يتغير منذ 1996. التقط القصر إشارة الشارع، وجاء خطاب 9 آذار/مارس التاريخي الذي أعلن فيه العاهل المغربي عن إجراء تعديل دستور، مكلفا عبد اللطيف المنوني، أحد أقطاب وفقهاء القانون الدستوري بذلك، رفقة ثلة من الخبراء في مختلف المجالات الحقوقية والعلمية. خطاب الملك الذي تلقته أغلب الهيآت السياسية بارتياح، لم ينل رضا حركة 20 فبراير ومن يساندها مثل الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة والنهج الديمقراطي، وكذا جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، فاستمرت الاحتجاجات قبل وبعد الاستفتاء على الدستور يوم فاتح تموز/ يوليو الماضي. الإصلاحات الدستورية فتحت بطبيعة الحال الباب إلى نقاش حول إجراء انتخابات برلمانية قبل الأوان، علما بأن الانتخابات كانت مفترضة عام 2012، فكان لا بد من حل البرلمان وحل الحكومة، لأن النظام كان ذكيا وأراد أن يطلق ما يكفي من الإشارات لتهدئة الشارع، ولحصر الاحتجاجات في مطالب لا علاقة لها بطبيعة النظام، بل بطريقة التدبير العمومي. فكان من حسنات احتجاجات الشباب في الشوارع، أن أعلنت الحكومة عن تشغيل حوالي 4500 شاب من حملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل، إذ التحق جل هؤلاء بقطاع التعليم. في يوم 25 تشرين ثان /نوفمبر، كان المغاربة على موعد مع اختيار ممثلي الأمة الجدد. وصلت نسبة المشاركة في هذه المحطة الانتخابية حوالي 40ر45 في المئة، تنفست وزارة الداخلية الصعداء، بسبب خوفها المسبق من تسجيل نسبة عزوف عالية. والمفاجأة أن حزب العدالة والتنمية، الإسلامي، المعارض منذ تأسيسه رسميا أواسط التسعينيات، حصل على الرتبة الأولى وظفر برئاسة الحكومة، كما ينص على ذلك الدستور الجديد. استقبل عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية من قبل العاهل المغربي أربعة أيام بعد يوم الاقتراع في منطقة نائية بالمغرب (ميدلت). وجهت عدسات الكاميرات إلى هناك، إنه لقاء تاريخي بين القصر وأبناء الحركة الإسلامية، وفهم الجميع أن المغرب دخل مرحلة جديدة وأن العدالة والتنمية ينتظره تحدي كبير، بدأ بطريقة تشكيلة الحكومة التي ستضم حزب الاستقلال وحزب الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية. سياسيا، وقبيل الإعلان عن هيكلة الحكومة الجديدة، بادر العاهل المغربي محمد السادس إلى تعزيز محيطه القريب، فعين مجموعة من المستشارين الخاصين، أبرزهم فؤاد عالي الهمة، الذي أثار ظهوره في العمل السياسي كثيرا من الجدل، بعد أن قرر تأسيس حزب سياسي أطلق عليه اسم الأصالة والمعاصرة، عام 2009، كما عين مستشارا عمر عزيمان، وزير العدل السابق ورئيس اللجنة الاستشارية للجهوية، وياسر الزناكي، وزير السياحة في الحكومة المنتهية ولايتها، وأيضا عبد اللطيف المنوني، الذي أشرف على ورش التعديلات الدستورية في البلاد. حقوقيا، وبعد اعتقال دام أزيد من ثلاث سنوات، قرر العاهل المغربي العفو عن مجموعة من السياسيين المعتقلين في ملف خلية بليرج، التي أعلنت وزارة الداخلية عن تفكيكها بداية شهر شباط/فبراير عام 2008، وقيل إنها كانت تنوي القيام بأعمال إرهابية تخريبية وتعتزم اغتيال شخصيات رسمية مغربية وأجنبية. ففي يوم 14 نيسان/أبريل الماضي، عانق خمسة معتقلين سياسيين الحرية، إلى جانب عشرات من الذين توبعوا بقانون الإرهاب، أبرزهم الشيخ محمد الفيزازي. وهي مبادرة لم تطفأ غضب السجون التي مازال يقبع بها مئات من المعتقلين في إطار السلفية الجهادية، وأيضا العشرات الذين تبقوا من خلية عبد القادر بليرج. لقد اندلعت انتفاضات داخل السجون، أدت إلى إصدار قرارات عقابية في حق عدد من المعتقلين، فتعالت أصوات الحقوقيين الذين طالبوا بضرورة طي ملف الاعتقال السياسي بشكل نهائي، للتعبير عن دخول مرحلة الإصلاحات السياسية الحقيقية. غير أن الحادث الإرهابي الذي هز عاصمة السياحة في المغرب، مراكش، يوم 28 نيسان/أبريل الماضي، داخل مقهى أركانة، قلب المواجع، وتأكد للأجهزة الأمنية المغربية أن الحادث استهدف سياح ومغاربة، فكانت الحصيلة مقتل 17 شخصا من بينهم فرنسيون، وألقي القبض على شاب في مقتبل العمر، قيل إنه وراء هذا الانفجار بتعاون مع صديقين له. لكن بمجرد انطلاق محاكمة المتهمين، وبسبب التصريحات المناقضة لتلك المدلى بها أمام الضابطة القضائية، فجر العثماني، المتورط رقم واحد في هذه القضية مجموعة من الألغاز مازالت لم تفك بعد. اجتماعيا، تمكنت الحكومة في آخر أيام عمرها من إخراج مشروع قانون تنظيم عمل خدام البيوت، سواء المغاربة أو الأجانب. أما اقتصاديا، وخلافا للوعد الذي قطعته الحكومة على نفسها بتحقيق نسبة معدل نمو يتجاوز 5 في المئة، فإنه في الواقع لم يتعد النمو خلال عام 2011 نسبة 3ر4 في المئة، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية المالية العالمية على الاقتصاد الوطني، وكذا بسبب تراجع القيمة المضافة للقطاعات غير الفلاحية. أما رياضيا، فقد كان المنتخب الوطني المغربي، في حزيران/يونيو الماضي على موعد مع فوز ساحق ضد نظيره الجزائري برسم الجولة الرابعة ضمن تصفيات المجموعة الرابعة المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم في كرة القدم. فاز الأسود على الجزائريين بأربعة أهداف نظيفة، وضمن المنتخب الوطني مكانه للتأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم المقرر في الغابون وغينيا الاستوائية العام المقبل. فنيا، رحلت يوم 20 تشرين أول /أكتوبر الماضي إلى دار البقاء عميدة الممثلات المغربيات حبيبة المدكوري التي أدت مجموعة من الأدوار المسرحية والتلفزيونية، وكانت أحد أعلام ممثلي المسلسلات الإذاعة الوطنية. ومن بين الفنانين المغاربة الآخرين الذين انتقلوا إلى دار البقاء الممثل المقتدر عائد موهوب، وادريس التادلي وعبد القادر بطل ومصطفى سلمات وعبد القادر عبيت. إلى ذلك، وارتباطا بما وقع من ثورات في الدول العربية، اتخذ قرار تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية في العاصمة الرباط خلال تشرين ثان/ نوفمبر، بحضور وزراء خارجية الدول العربية ورئيس الجامعة. كما أعلن المغرب عن مساندته لثوار ليبيا ضد نظام معمر القدافي، حيث بادر العاهل المغربي بارسال طائرات لنقل الجرحى قصد العلاج في مستشفيات العاصمة.