كلنا ضد الإرهاب كلنا نحبو لبلاد- هذا مغرب التغيير ماشي مغرب التفجير.. بغينا خبزة او كوميرا آش نديرو بشاكيرا.. كتب عبد الله النملي بعد مشاركة حركة 20 فبراير في مسيرات فاتح ماي لهذه السنة، والنجاح الباهر للمحطة الوطنية الثالثة ليوم 24 أبريل 2011 والتي تم من خلالها تنظيم مظاهرات ومسيرات شارك فيها حوالي 800.000 مواطن ومواطنة من 110 مدينة وقرية مغربية وحتى ببعض المدن الكبرى الغربية مثل إسبانيا وفرنسا وبلجيكا والولايات المتحدةالأمريكية وكندا. هاهي حركة 20 فبراير بآسفي، وعلى غرار باقي المدن المغربية، تعاود مسلسل نجاحاتها النضالية ودينامياتها الإحتجاجية، من خلال النزول إلى الشارع في يوم الأحد الذي تحول بآسفي إلى محطة قارة وثابتة للنضال والتغيير، بعد أن حققت الحركة منحى تصاعديا لأشكالها النضالية، ولقيت تجاوبا كبيرا من قبل الساكنة المسفيوية، حيث دعا مجددا شباب حركة 20 فبراير بآسفي من خلال نداء حمل عنوان ” الشعب يريد التغيير ” وزع على نطاق واسع بواسطة مكبرات الصوت المحمولة على متن سيارات، الجماهير الشعبية للتظاهر هذه المرة يوم الأحد 8 ماي 2011 في شكل ثلات مسيرات، موحدة زمانيا ومتفرقة مكانيا، بعد النجاح الكبير الذي عرفته المسيرتين في محطة 24 أبريل واللتين عرفتا مشاركة أزيد من 10.000متظاهر. وكان نداء حركة 20 فبراير بآسفي قد حدد أهداف المسيرات الثلاث باللغة الدارجة على خلاف المعتاد (علاش ثلاثة المسيرات في آسفي نهار الأحد حيث مكيناش الخدمة فهاذ البلاد، كلشي بطالي، اللي عندو الدبلوم واللي ماعندوش..حيث ولا السبيطار والمدرسة بالفلوس وخا الناس كيخلصو الضرائب..حيث الرشوة والمحسوبية شدا من المقدم والشاوش حتا لفوق..حيث شعلو العافية في السكنى، أفوق هاذ الشي كيهدمو على الناس لبرارك..حيث ديما كينا الزيادة فالأسعار، والخلصة ديما هيا هيا.. حيث كنخلصو وخا يخلصو أولادنا كريديات ما شدينهاش ..حيث لفلوس والملك العام كيتسرق، اكيسيفطوه للأبناك فبرا.. حيث كينا الحكرة والظلم، امكنقدوش نقولو اللي بغينا.. حيث القضاء ديال اللي عندو الفلوس أباك صاحبي..بغينا اللي يحكم يتحاسب وما يفلتش من العقاب.. بغينا دستور ديمقراطي ديال الشعب..حيث كنبغيو هاذ البلاد باغيين الأجيال اللي جاية تعيش بخير..). هذا النداء بلغة المحكي اليومي، كان كافيا لحشد أزيد من 14.000 متظاهر بالأماكن الثلاث التي حددت كمحطات لإنطلاقة المسيرات كاوكي، اعزيب الدرعي، وبياضة. وتأتي هذه المسيرات في سياق تنطيم حركة 20 فبراير مسيرة وطنية بمراكش، وأزيد من خمسين مسيرة ووقفة محلية بمدن وقرى المغرب، تنديدا بالتفجير الإرهابي بمراكش. حيث انفردت مدينة آسفي على الصعيد الوطني بتنظيم ثلاث مسيرات دفعة واحدة، بالنظر للدينامية النضالية لساكنة المدينة والرغبة الأكيدة لشباب 20 فبراير بآسفي على ربح رهان المشاركة الشعبية الواسعة. فعلى الساعة الخامسة مساءا من يوم الأحد 8 ماي 2011 كانت الجموع الغفيرة تتدفق من كل حذب وصوب، ومن كل أحياء آسفي على أماكن انطلاقة المسيرات. المسيرة الأولى انطلقت من جنوبآسفي وتحديدا من أمام صيدلية آسفي بحي كاوكي 108، فيما انطلقت المسيرة الثانية من وسط مدينة آسفي بجوار مدرسة الشقوري الخصوصية باعزيب الدرعي، أما المسيرة الثالثة فأخذت انطلاقتها من حي بياضة بجوار ملعب شنكيط. وقد قطعت المسيرات الثلاث بشكل متزامن أزيد من 20 كلم من طرقات وأزقة وشوارع آسفي، والتحق بها عند كل حي وزقاق وشارع تخترقه، المئات من المشاركين، في جو من الإنضباط والمسؤولية والتنظيم، بحضور فعاليات سياسية ونقابية وجمعوية وتنظيمات المجتمع المدني والمشاركة الوازنة لجماعة العدل والإحسان وقطاعها النسائي. كما لوحظ غياب الأجهزة الأمنية التي اكتفت بمراقبة المسيرات الثلاث من بعيد، نظرا للقدرة الكبيرة التي برهن عليها شباب 20 فبراير بآسفي في تنظيم وتسيير المسيرات بواسطة سلاسل بشرية دون حدوث أية مشاكل تذكر. وحملت شعارات المحتجين المكتوبة على اللافتات والرافعات مطالب وطنية، من خلال المطالبة بدستور ديمقراطي يجسد السيادة الشعبية “لا لا للدساتير في غياب الجماهير”، كما صب المتظاهرون جام غضبهم على لجنة مراجعة الدستور ” اللجنة الدستورية مناورة سياسية – لا منوني لا غيرو الشعب يقرر مصيرو “، كما طالب المحتجون بمحاربة رموز الفساد وفصل السلطة عن المال، وحل حزب “البام” ورحيل الهمة والماجيدي “الماجيدي والهمة خليو اعليكم الأمة ” وإنهاء مظاهر القمع ضد الحق في التظاهر وحرية التعبير ” بغينا مغرب الحريات ماشي مغرب العائلات ” ومحاسبة كل من أمر أو قام بتجاوزات ومحاكمة من تبث تورطه فيها، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والقطع مع الإعتقال السياسي والإعتقال من أجل الرأي، وحل الحكومة والبرلمان ” يامغربي يامغربية البرلمان اعليك واعلية مسرحية ” ومحاربة أخطبوط الرشوة والفساد وهدر المال العام ” عاك عاك باركا من الرشوة باركا- هاذ الشعب شكون يحميه الرشوة هنا ولهيه- زنكة زنكة بيت بيت المواطن يستغيث- بغينا خبزة او كوميرا آش نديرو بشاكيرا ” وإلغاء كافة التقاليد المخزنية، وإقرار سياسة اقتصادية واجتماعية توفر الكرامة للمواطن وتضمن الحق في الشغل والتعليم والصحة والسكن ” المساواة المساواة حقنا في الثروات –آسفي عامر فوسفاط اولاد الشعب تحت الصباط –لا صحة لا تطبيب ولا درهم عندي في الجيب “، والقطع مع الزبونية والمحسوبية واقتصاد الريع. ولم يفت المحتجين الإدانة الشديدة للحادث الإرهابي الشنيع بمراكش، الذي أدى إلى تفجير مقهى أركانة المحادي لجامع لفنا الشهير، والذي أودى بحياة 17 مواطنا من المغاربة والسياح الأجانب ” كلنا ضد الإرهاب كلنا نحبو لبلاد- هذا مغرب التغيير ماشي مغرب التفجير ” كما ندد شباب حركة 20 فبراير بلهيب الغلاء الذي أصاب جيوب المواطنين وأتى على ما تبقى من قدرتهم الشرائية، حيث رفعوا شعارات تستنكر الإرتفاع الصاروخي في المواد الغذائية وفواتير الماء والكهرباء ” اعلاش جينا واحتجينا المعيشة غالية اعلينا- كالو سنو القوانين باش يحميو المواطن مطيشة دارت 160 الضو والما دارو جنحين – اعلاش جينا واحتجينا الما والضو غالي اعلينا”. كما توجهت الجماهير المحتشدة بشعارات تستهدف ما أسمتهم حركة 20 فبراير “بمافيا العقار” فضلا عن شعارات تستنكر أسلوب تعاطي القناتين الأولى والثانية مع احتجاجات حركة 20 فبراير” يادوزيم يا إ ت م الله يلعن اللي ما يحشم” بسبب الحملة الإعلامية التي تتعرض لها حركة 20 فبراير ومكوناتها و أنشطتها وافتعال الوقائع وتحريفها لبث الفرقة وإيقاف دينامية الإحتجاج، مثل الترويج لسرقة الحركة والركوب عليها، والإساءات والإتهامات بالخيانة والتشكيك بوطنية أعضاء الحركة. وبساحة مولاي يوسف التحمت المسيرات الثلاث حيث امتلأت الساحة عن آخرها، حيث كان الموعد مع عروض إبداعية وفنية صفق لها الجميع. تلتها كلمة ختامية لشباب 20 فبراير بآسفي، والتي استهلت بتوجيه تحيات الإجلال والإكبار للساكنة المسفيوية المناضلة التي شاركت في مسيرات 8 ماي، داعين إلى مواصلة مسيرات التغيير والحرية والكرامة، وإدانتهم للعمل الإجرامي والإرهابي الذي استهدف مغاربة وأجانب وتحذيرهم من مغبة تكرار سيناريو فتح المعتقلات السرية وترهيب المواطنين، ومطالبتهم بإلغاء لجنة المنوني كإجراء حسن النية، وتعويضها بهيأة تمثيلية للشعب المغربي لإقرار دستور ديمقراطي، وإطلاق سراح الصحفي رشيد نيني مدير يومية المساء، وحل البرلمان، وإسقاط الحكومة، وتشغيل المعطلين، ووقف مسلسل الإعتقال السياسي وإغلاق جميع المعتقلات السرية، كما وجهوا في الأخير عبارات الرحيل dégage لما أسموه بقذافي الدائرة الثالثة و كذا أحد المسؤولين الأمنيين على خلفية حملات القمع الأخيرة التي عرفتها المدينة ضد كل فئات المعطلين وشباب 20 فبراير بآسفي .. والختام.. حركة 20 فبراير نشأت في سياق موجة التغيير الديمقراطي التي يعيشها العالم العربي، حيث أحدثت ثورة في أشكال وأساليب الإتصال، ورسخت التحرر النسبي من إكراهات الرقابة، وأسهمت في توسيع فضاء الإحتجاج وتشكل الرأي العام وخلخلة موازين القوى. وهي بذلك تعتبر إحدى الظواهر الأساسية في تاريخ المغرب الحالي.ولأن المغرب لا يمكن أن يشكل الاستثناء، فقد هبت فيه رياح التغيير لوجود قواسم مشتركة مع غيره، ساهمت في انبثاق حركة 20 فبراير التي خرجت إلى الوجود من قمقم مارد الأنترنيت ومواقع التواصل الإجتماعي، من خلال الدعوات التي أطلقها الشباب المغربي، التواق إلى غذ أفضل، للنزول للشارع للمطالبة بالتغيير والإصلاح السياسي والدستوري والإقتصادي والإجتماعي ومحاربة الفساد ورموزه واقتصاد الريع. الأمر الذي جعل الحركة تكذب بالحجة والدليل بعض المسلمات التي تم الترويج لها سياسيا وإعلاميا حول عزوف الشباب عن السياسة. وتبعا للدينامية التي دشنتها حركة 20 فبراير في الشارع المغربي، فقد حققت منذ أول خروج لها للشارع إلى غاية مشاركتها في مسيرات فاتح ماي، تراكما نوعيا وتنظيميا وميدانيا وجماهيريا وسياسيا، جعلت أصحاب القرار يصدرون إشارات ايجابية اتجاه الحركة التي استطاعت وفي ظرف وجيز حشد الآلاف من المواطنين وتوحيد النضال الشعبي في كل مدن وقرى المغرب، وجمعت حساسيات سياسية إسلامية ويسارية ومستقلة، من أجل الديمقراطية والعيش الكريم، وبالتالي انتزعت مكتسبات اقتصادية من قبيل إضافة 15،7 مليار درهم لصندوق المقاصة لدعم أثمان المواد الأساسية، وخلق ما يزيد عن 4300 منصب شغل والإنكباب على مراجعة الدستور وإطلاق سراح عشرات المعتقلين السياسيين والزيادة في أجور الموظفين المنتمين للقطاع العام والخاص.. غير أن هذه المكاسب على أهميتها ليست كافية حسب حركة 20 فبراير التي تعتبر أن مجموعة من أوراش الإصلاح لازالت معلقة، وعليه تعتبر نفسها مدعوة للإستمرار في التظاهر إلى حين ترجمة مطالبها على أرض الواقع.