صدم إقصاء المنتخب المصري من بطولة كأس الأمم الإفريقية بخسارته، أمس السبت، في ثمن النهائي أمام جنوب إفريقيا، ملايين المشجعين الذين كانوا يأملون في الاحتفال باللقب على أرضهم، مؤديا لاستقالة رئيس الاتحاد هاني أبو ريدة وإقالة الجهاز الفني للمدرب المكسيكي خافيير أغيري. وطغت المفاجأة المدوية بخسارة منتخب الفراعنة بهدف نظيف أمام نحو 75 ألف مشجع غصت بهم مدرجات ملعب القاهرة الدولي، على مفاجأة أخرى سجلت في وقت سابق من اليوم ذاته في ملعب الإسكندرية، تمثلت بخروج حاملة اللقب الكاميرون بعد خسارتها أمام نيجيريا 2-3. وبذلك، يكون طرفا نهائي نسخة 2017، أي الكاميرون ومصر، قد خرجا في مرحلة مبكرة من النسخة 32 التي كانا مرشحين لنيل لقبها، لاسيما مصر المزينة بسبعة نجوم في البطولة (رقم قياسي)، والتي كانت تخوض المنافسات بدعم نحو 100 مليون شخص في طول البلاد وعرضها. لكن أحلام هؤلاء برؤية محمد صلاح وزملائه يرفعون الكأس في 19 يوليوز، تبخرت مع تسجيل الجنوب إفريقي ثيمبينكوزي كريستوفر لورتش في الدقيقة 85، الهدف الذي كان كفيلا بنشر الصمت المطبق في ملعب كان يضج منذ أولى ساعات بعد الظهر بالحماس والأناشيد وقرع الطبول، استعدادا للمباراة التي انطلقت عند الساعة التاسعة مساء. وساد الصمت والوجوم على عشرات آلاف المشجعين الذين لم يكونوا يتوقعون الخروج المبكر، بينما ارتمى العديد من اللاعبين المصريين على المستطيل الأخضر، وغطى آخرون وجوههم بقمصانهم. في المقابل، احتفل لاعبو جنوب إفريقيا بفخر بالإنجاز غير المتوقع، ونالوا حتى تصفيق مئات المشجعين المصريين أثناء خروجهم من الملعب. وبأعين دامعة وتأثر واضح، غادر المشجعون بصمت وغضب مدرجات ملعب القاهرة، أكبر الملاعب الست المضيفة للبطولة. وقال أحد المشجعين لوكالة فرانس برس "هذا فريق لا يمكن أن نحزن عليه، فريق غير قادر أن ينتج. من الظلم أن يعود هؤلاء الناس إلى منازلهم حزينين"، مضيفا: "هذا منتخب عقيم عقيم عقيم"، بعدما أنهى دور المجموعات بصدارة المجموعة الأولى بالعلامة الكاملة والشباك النظيفة، وحقق ثلاثة انتصارات في ثلاث مباريات سجل خلالها خمسة أهداف. أغيري: أنا المسؤول وأمام الأسئلة القاسية في المؤتمر الصحافي، أقر أغيري بأنه "المسؤول" عن خياراته، من التكتيك إلى الأسماء واللاعبين والتبديلات. وقال "أعتقد أن المباراة كانت مفتوحة وكان ثمة فرص للفريقين. الفرق الوحيد هو الهدف الذي كان لصالح جنوب إفريقيا"، مضيفا حتى اللحظة أنا فخور باللاعبين (...) أنا المسؤول عن الاختيارات هذه". وأضاف "ثمة حالة من الحزن تسيطر في غرفة الملابس بسبب الخروج من البطولة" التي تستضيفها مصر للمرة الخامسة. وردا على سؤال بشأن ما اذا كان سيبقى في المنصب الذي تولاه خلفا للأرجنتيني هكتور كوبر في أعقاب مونديال روسيا 2018، قال أغيري "لغاية اللحظة لا قرار، تحدثت مع اللاعبين داخل غرفة الملابس وغدا سيكون ثمة حديث مع مسؤولين في الاتحاد". لكن قرار الاتحاد لم ينتظر طلوع الضوء، إذ أعلن في بيان بعد منتصف ليل السبت الأحد، استقالة أبو ريدة من المنصب الذي يتولاه منذ صيف العام 2016، وإقالة كامل الجهاز الفني والإداري للمنتخب. وجاء في البيان "أعلن المهندس هاني أبو ريدة استقالته من رئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم كما دعا أعضاء مجلس إدارة الاتحاد لتقديم استقالاتهم، وذلك عقب خروج المنتخب" من أمم إفريقيا. وأضاف أبو ريدة أن القرار "يأتي كالتزام أدبي رغم أن اتحاد كرة القدم لم يقصر في شيء تجاه المنتخب الوطني وقدم له كل الدعم المادي والمعنوي على الوجه الأكمل"، مؤكدا أن الجهاز الفني والإداري "مقال بالكامل بعد أن خيب آمال جماهير الكرة المصرية والمسؤولين عنها رغم تلبية كافة مطالبه". وأورد الاتحاد في بيانات لاحقة، سلسلة استقالات لأعضاء في الاتحاد، بينهم سيف زاهر وحازم إمام وأحمد مجاهد وغيرهم. ورأى اللاعب السابق والمحلل في قنوات "بي إن سبورتس" هيثم فاروق عبر "تويتر"، أن "استقالة رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد كرة القدم المصري لا تعفيهم من المساءلة والتحقيق في أسباب الكارثة". شجاعة جنوب إفريقية على الضفة المقابلة، كان لمدرب جنوب إفريقيا ستوارت باكستر ما أراد. فبعدما أبدى الجمعة رغبته في إسكات المشجعين المصريين للتمتع بفرصة الفوز، حقق ذلك في الدقائق الأخيرة من المباراة، على رغم أن العديد من المشجعين حاولوا بث الحماسة في صفوف اللاعبين بعد الهدف أملا في تعادل يجر المباراة إلى وقت إضافي. وقال باكستر "بطبيعة الحال أنا راض عن نتيجة المباراة (...) أعتقد أن اللاعبين قاموا بعمل جيد جدا. كان عليهم أن يلعبوا بطريقة شجاعة ضد فريق بجودة مصر. بالنسبة إلينا كانت هذه الطريقة الوحيدة التي يمكن لنا من خلالها الفوز بالمباراة"، في إشارة إلى مفاجأة مصر باعتماد أسلوب هجومي عوضا عن الانكفاء إلى الدفاع والاتكال على الهجمات المرتدة. أضاف "تطلب الأمر شجاعة من لاعبينا وأعتقد أنه قاموا بعمل جيد جدا". وأتى الشوط الأول للمباراة سلبيا رغم الإيقاع السريع واستحواذ بنسبة 66 بالمئة لمصر مع تعويل أساسي على تحركات منسقة عبر الجناحين صلاح ومحمود حسن تريزيغيه ومن خلفهما التمريرات المتقنة لطارق حامد، بينما شكل بيرسي تاو الخطر الأكبر من جهة جنوب إفريقيا. وفي رابع مبارياتهم في البطولة، فشل الفراعنة لأول مرة في هز الشباك في الدقائق ال45 الأولى، رغم محاولاتهم على مرمى رونوين وليامس. وغازل الجنوب إفريقي تاو الشباك المصرية مرارا من دون هزها، بينما هدد صلاح المرمى الجنوب إفريقي بتسديدة قوية من داخل المنطقة، كما تولى قيادة هجمة سريعة ومرر كرة إلى تريزيغيه المتقدم على يمين منطقة الجزاء، لكن تسديدته الأرضية انتهت بتصد ناجح من حارس المرمى. وأخرج أغيري مطلع الشوط الثاني مروان محسن الذي بدا خارج الخدمة في أوقات طويلة من المباريات المصرية، ودفع بأحمد علي. وفي الشوط الثاني، أتيحت لمصر إحدى أخطر فرصها بتمريرة من صلاح إلى تريزيغيه المتفلت من الرقابة لكن تسديدته احتضنها وليامس (56)، قبل صدمة تسجيل منتخب "بافانا" بهجمة مرتدة سريعة تمكن في ختامها ليبو موتيبا من إيصال الكرة للورتش الذي أودعها المرمى.