القاهرة, 6-7-2019 - مفاجأتان من العيار الثقيل سجلتا السبت في اليوم الثاني من منافسات الدور ثمن النهائي لبطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم، بخروج مصر المضيفة أمام جنوب إفريقيا، وإقصاء حاملة اللقب الكاميرون أمام نيجيريا. وبذلك، يكون طرفا نهائي النسخة الأخيرة من البطولة، أي الكاميرون ومصر، قد خرجا في مرحلة مبكرة من النسخة الحالية التي كانا مرشحين للتتويج بلقبها، لاسيما مصر حاملة الرقم القياسي مع سبعة ألقاب، والتي كانت تخوض المنافسات على أرضها وبين هتافات نحو 75 ألف شخص في مدرجات ستاد القاهرة، ونحو 100 مليون مصري على امتداد البلاد. لكن أحلام هؤلاء برؤية محمد صلاح وزملاؤه يرفعون الكأس في 19 تموز/يوليو، تبخرت مع تسجيل الجنوب إفريقي ثيمبينكوزي كريستوفر لورتش في الدقيقة 85، الهدف الذي كان كفيلا بنشر الصمت المطبق في ملعب كان يضج منذ أولى ساعات بعد الظهر بالحماس والأناشيد وقرع الطبول، استعدادا للمباراة التي انطلقت عند الساعة التاسعة مساء. وساد الصمت والوجوم على عشرات آلاف المشجعين في ستاد القاهرة الذين لم يكونوا يتوقعون الخروج المبكر، بينما ارتمى العديد من اللاعبين المصريين على المستطيل الأخضر، وغطى آخرون وجوهم بقمصانهم. في المقابل، احتفل لاعبو جنوب إفريقيا بفخر بالانجاز غير المتوقع، ونالوا حتى تصفيق مئات المشجعين المصريين أثناء خروجهم من الملعب. وبأعين دامعة وتأثر واضح، غادر المشجعون بصمت وغضب مدرجات ستاد القاهرة الدولي، أكبر الملاعب الست المضيفة للبطولة. وقال أحد المشجعين لوكالة فرانس برس "هذا فريق لا يمكن أن نحزن عليه، فريق غير قادر أن ينتج. من الظلم ان يعود هؤلاء الناس الى منازلهم حزينين". وأمام الأسئلة القاسية التي وجهها اليه الصحافيون المصريون بعد المؤتمر، أقر المدرب المكسيكي للمنتخب خافيير أغيري بأنه "المسؤول" عن كل الخيارات التي قام بها، من التكتيك الى الأسماء واللاعبين الذي حققوا صدارة المجموعة الأولى بالعلامة الكاملة والشباك النظيفة في الدور الأول. وقال "أعتقد أن المباراة كانت مفتوحة وكان ثمة فرص للفريقين. الفرق الوحيد هو الهدف الذي كان لصالح جنوب افريقيا". أضاف "حتى اللحظة انا فخور باللاعبين (...) أنا المسؤول عن الاختيارات هذه"، متابعا "ثمة حالة من الحزن تسيطر في غرفة الملابس بسبب الخروج من البطولة" التي تقام على أرض مصر للمرة الخامسة. وردا على سؤال بشأن ما اذا كان سيبقى في المنصب الذي تولاه خلفا للأرحنتيني هكتور كوبر في أعقاب مونديال روسيا 2018، قال أغيري "لغاية اللحظة لا قرار، تحدثت مع اللاعبين داخل غرفة الملابس وغدا سيكون ثمة حديث مع مسؤولين في الاتحاد". من جهته، قال مدرب جنوب إفريقيا ستوارت باكستر "بطبيعة الحال أنا راض عن نتيجة المباراة (...) أعتقد ان اللاعبين قاموا بعمل جيد جدا. كان عليهم أن يلعبوا بطريقة شجاعة ضد فريق بجودة مصر. بالنسبة إلينا كانت هذه الطريقة الوحيدة التي يمكن لنا من خلالها الفوز بالمباراة"، في اشارة الى مفاجأة المنتخب المصري باعتماد أسلوب هجومي عوضا عن الانكفاء الى الدفاع والاتكال على الهجمات المرتدة. أضاف "تطلب الأمر شجاعة من لاعبينا وأعتقد أنه قاموا بعمل جيد جدا". وكان الشوط الأول للمباراة انتهى سلبا على رغم الإيقاع السريع واستحواذ بنسبة 66 بالمئة لمصر مع تعويل أساسي على تحركات منسقة عبر الجناحين صلاح ومحمود حسن تريزيغيه ومن خلفهما التمريرات المتقنة لطارق حامد، بينما شكل بيرسي تاو الخطر الأكبر من جهة جنوب إفريقيا. وفي رابع مبارياتهم في البطولة، فشل الفراعنة لأول مرة في هز الشباك في الدقائق ال45 الأولى، وذلك رغم محاولاتهم على مرمى رونوين وليامس. وتبادل المنتخبان المحاولات وأحيانا بشكل متتال، لاسيما عبر تاو الذي غازل الشباك المصرية مرارا من دون هزها، بينما هدد صلاح المرمى الجنوب إفريقي بتسديدة قوية من داخل المنطقة، كما تولى قيادة هجمة سريعة ومرر كرة الى تريزيغيه المتقدم على يمين منطقة الجزاء، لكن تسديدته الأرضية انتهت بتصد ناجح من حارس المرمى. ودفع أغيري مطلع الشوط الثاني بأول تغيير، بإخراج محسن الذي بدا خارج الخدمة في أوقات طويلة من المباريات المصرية، والدفع بأحمد علي. وبعد تسديدتين عاليتين عن المرمى في الدقائق العشر الأول من الشوط الثاني لمحمد النني وأحمد علي، أتيحت لمصر إحدى أخطر فرصها على مدى الشوطين، بتمريرة بينية رائعة من صلاح الى تريزيغيه المتفلت من الرقابة داخل المنطقة، لكن تسديدته احتضنتها يدا وليامس (56). وندرت محاولات الجانبين في ما تبقى من الشوط الثاني، وكانت أخطرها عبر بيرسي تاو مجددا في الدقيقة 71 لكن بين يدي الشناوي، قبل صدمة تسجيل منتخب "بافانا بافانا" الهدف بهجمة مرتدة سريعة تمكن في ختامها ليبو موتيبا من إيصال الكرة للورتش الذي أودعها مرمى محمد الشناوي. وتلاقي جنوب إفريقيا التي تأهلت من الدور الأول بعد حلولها ثالثة في المجموعة الرابعة، نيجيريا الاسبوع المقبل في ربع النهائي، بعد فوز الأخيرة على البطلة الكاميرون 3-2 السبت في الاسكندرية. ووفى اللقاء الكلاسيكي على مستوى القارة بين الكاميرون المتوجة خمس مرات آخرها 2017 في الغابون، ونيجيريا الفائزة باللقب القاري ثلاث مرات آخرها 2013، بما كان متوقعا منه على صعيد التنافس والندية. وتقدم منتخب "سوبر إيغلز" ("النسور الممتازة") النيجيري عبر أوديون إيغهالو (19)، قبل أن يقلب منتخب "الأسود غير المروضة" النتيجة في ثلاث دقائق فقط، بهدفي ستيفان باهوكين (41) وكلينتون نجي (44). لكن لاعبي نيجيريا رفضوا رفع الراية البيضاء، وردوا بالأسلوب ذاته في الشوط الثاني بهدفين في ثلاث دقائق أيضا، عبر إيغهالو مجددا (63)، قبل أن يمنح هدف أليكس أيووبي (66) نيجيريا بطاقة الدور ربع النهائي. وعلى رغم أن نيجيريا تعد من المنتخبات القوية قاريا، يبقى خروج حامل اللقب من هذه المرحلة المبكرة مفاجأة ثانية من نوعها في ثمن النهائي، تضاف الى إقصاء المغرب الذي كان مرشحا بقوة للقب وأنهى الدور الأول بالعلامة الكاملة في صدارة المجموعة الرابعة، على يد منتخب بنين المتواضع، والفائز الجمعة 4-1 بركلات الترجيح، بعد تعادل المنتخبين 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي على ستاد السلام في القاهرة. ومقابل خروج الكاميرون بإشراف النجم الهولندي السابق كلارنس سيدورف، لحقت نيجيريا بقيادة الألماني غرنوت رور، ببنين والسنغال إلى ربع النهائي.