بعدما جمع ثروة من برامج مضادة للفيروسات الإلكترونية وفر من بيليز إثر قضية قتل، يضيف المليونير الأمريكي جون ماكافي فصلا جديدة إلى حياته الصاخبة بإعلانه من يخته الذي يرسو في هافانا ترشحه لرئاسة الولاياتالمتحدة. ويقول ماكافي، وهو يدخن لفافة تلو الأخرى على متن يخته، محاطا بفريق من سبعة رجال وكلبين كبيرين: "لا أخوض حملة عادية. حكومة البلد الذي أترشح لرئاسته تبحث عني كمجرم. كل هذا ليس عاديا". وطموح ماكافي هو أن يختاره الحزب الليبرتاري الذي يدعو إلى التبادل الحر وتقليص سلطة الدولة إلى أبعد حد مرشحا باسمه للانتخابات؛ وقد حاول في 2016 تحقيق ذلك لكن الحزب اختار بدلا منه غاري جونسون، الذي حصل على 3.27 بالمائة من الأصوات. وقال جون ماكافي: "في الواقع لا أريد أن أصبح رئيسا.. بالتأكيد لا أريد. أساسا لا يمكنني القيام بذلك: انظر إلي، لا يمكنني أن أصبح رئيسا". وأضاف الرجل، الذي انتقل في نشاطاته إلى العملات الإلكترونية، واقترح على الحكومة الكوبية مساعدتها في هذا المجال: "لكن لدي جمهور واسع وسأقوم بالتأثير على هذه الانتخابات". ويؤكد ماكافي أن لديه نحو مليون متابع على موقع "تويتر" للرسائل القصيرة ويكسب ألفين آخرين يوميا؛ ويحمل يخته الذي يرسو منذ أسابيع في مرفأ الترفيه في هافانا "مارينا همنغواي" اسم "اللغز الكبير" (ذي غريت ميستيري)، ويعكس بشكل واضح صورة الرجل الغامض البالغ من العمر 73 عاما. تسعة ملايين مشاهدة بدأ جون ماكافي عمله في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) قبل أن ينتقل للعمل في عدد من شركات المعلوماتية، حيث اكتشف فيروسا عمل بجد للقضاء عليه. بذلك ولدت "ماكافي" التي أصبحت مجموعة عملاقة في إنتاج برامج مكافحة الفيروسات، وباعها في 2010 لشركة "إنتل"، وقد جمع ثروة تقدر بمائة مليون دولار؛ لكن قصة نجاحه التي تجسد الحلم الأمريكي وتشبه مسيرة ستيف جوبز وبيل غيتس اتخذت منحى لم يكن متوقعا، فقد تحول إلى ما يشبه المغامر واستقر في بيليز، واحتل عناوين الصحف في 2012 عندما تعرض جار له للقتل. وهذه الجريمة لم تكشف ملابساتها حتى الآن. واكتشفت الشرطة أن ماكافي يعيش مع فتاة في السابعة عشرة من العمر، وعثرت في منزله على قطع أسلحة عديدة، لتبدأ عملية مطاردة حبست أنفاس وسائل الإعلام لشهر كامل؛ وبطبعه الاستفزازي، نشر العام 2013 تسجيل "فيديو" غريب تحدث فيه عن كيفية حذف برنامج "ماكافي"، وقد ظهر بينما يغطي مسحوق مخدرات أنفه وتحيط بها نساء شبه عاريات؛ وينتهي التسجيل بصورة له عاري الصدر تغطيه وشوم ومسدسه على اصرته... وتمت مشاهدة التسجيل على الإنترنت تسعة ملايين مرة. في العام 2015 أوقف في الولاياتالمتحدة بسبب قيادته السيارة تحت تأثير المخدرات، ثم اختفت أخباره من وسائل الإعلام حتى قراره من بلده في يناير 2019. "أفضل صديق" لكوبا يقول ماكافي: "ذهبت أولا إلى باهاماس لأنني كنت ملاحقا بسبب تهرب ضريبي، لم أدفع ضرائب منذ ثماني سنوات"، موضحا أن فريقا من مكتب التحقيقات الفدرالي توجه إلى هناك بغية القبض عليه فاضطر للانتقال إلى كوبا. واختيار الجزيرة التي تحكمها سلطة شيوعية منذ ستين عاما قد يكون مفاجئا لهذا المدافع عن الرأسمالية؛ لكنه قال: "أنا على الأرجح أفضل صديق لكوبا حاليا"، وأضاف: "لا أعرف شيئا عن الشيوعية (...) لكنني أعرف أنه يجب ألا نتدخل في شؤون كوبا ويجب ألا نفرض حظرا على هذا البلد". ومن الصعب التمييز بين الصحيح والكاذب في ما يقوله هذا الرجل؛ وردا على سؤال، لم تدل السلطات الأمريكية بأي تعليق عن ملاحقات محتملة ضده، وذكر مصدر قريب من ملفه أنه لم يتم تقديم أي طلب بتسلمه. لكن مجرد توجه الرجل إلى كوبا بيخته يشكل مخالفة للقوانين الأميركية الجديدة التي تمنع مواطنيها من السفر إلى الجزيرة في سفن سياحية أو خاصة. وبينما تشهد العلاقات الدبلوماسية بين هافانا وواشنطن توترا كبيرا، يعتقد المليونير أنه يستطيع البقاء في كوبا حتى انتخابات نونبر 2020، يقول: "كوبا لم تسلم يوما أي مواطن أميركي وهي بالتحديد ليست صديقة للحكومة الأميركية". ومع ذلك، فإن التعاون بين شرطتي وقضائي البلدين قائم؛ ففي نونبر سلمت السلطات الكوبية واشنطن أميركيا عن طريق الشرطة الدولية (أنتربول) لقتله صديقته. *أ.ف.ب