رغمَ مرُور أزْيد من سنتين على واقعة نشر شريط لزعيم حراك الرّيف، ناصر الزفزافي، على حامل إلكتروني يملكه عامل سابق مكلف بالاتصال في وزارة الداخلية، وهو مجرّد من ملابسه وشبه عارٍ، لازالت عائلته تصرُّ على إظْهار نتائج التحقيق -الذي فتحته النيابة العامة-كاملةً، بدءًا بظروفِ وملابسات تصوير "أيقونة الحراك" خلال فترة اعتقاله، ثم الغاية من نشر التسجيل والجهات المسؤولة عن نشْره للعموم. ورغمَ تبريرات الجهة التي قامت بنشر الشريط بكون الهدف من ذلك إثبات عدم تعرض الزفزافي للتعذيب كما أُشيع، إذ يقوم خلال "الفيديو" بعرض مناطق من جسده للتأكيد على أنه لم يُمسس بسوء، إلا أنّ أحمد الزفزافي، والد قائد الحراك، يصرُّ على حقه في الاطلاع على نتائج البحث القضائي الذي باشرته النيابة العامة، ولم تكشِف بعدُ نتائجه كاملة. وكان موقع إلكتروني ينتحل اسم مؤسسة دستورية، ويملكه عامل سابق في الاتصال بوزارة الداخلية، نشر تزامنًا مع مثول ناصر الزفزافي أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف شريطا لزعيم الحراك وهو شبه عار، انتشر كالنار على الهشيم، بدعوى تأكيد عدم تعرضه للتعذيب من طرف القوات الأمنية، سواء خلال اعتقاله بالحسيمة أو بعد نقله إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. ومباشرة بعد انتشار "الفيديو" الذي أحدث رجّة حقوقية كبيرة في المغرب، على اعتبار أنّ "تصوير معتقل مسلوب الإرادة وهو مجرّد من ملابسه وفي حالة ضعف يتنافى مع القوانين والتشريعات الحقوقية الدّولية"، أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حينها، أنه بمجرد الاطلاع على الشريط "أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق دقيق للوقوف على حقيقة ظروف وملابسات تصويره، والغاية من نشره، لاتخاذ المتعين قانونا على ضوء نتيجة البحث". وفي وقت لم تفرج بعد النيابة العامة عن نتائج التحقيق القضائي الذي باشرته رغم مرور أزيد من سنتين على الواقعة، يطالب أحمد الزفزافي، اليوم، الجهات المختصة بكشف ملابسات تسريب هذا الشريط لابنه، وكشف من كان وراءه. وقال أحمد الزفزافي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ "مشكل تعرية ناصر الزفزافي طرح في المحكمة، لكن القاضي اعتبر الأمر يدخل ضمن حرية الرأي"، وزاد مستدركاً: "لقد اعتبروا الأمر يرتبط بحرية الرأي، لكن عندما كان يتكلم ابني عن حقوقه قاموا باعتقاله". ونقل أحمد الزفزافي مطالب ابنه من داخل السّجن بضرورة "كشف الجهات التي قامت بتصويره والمسؤولة عن إظهاره بتلك الصورة، ومن قام بتمرير الشريط المُصوّر للموقع المذكور، الذي يبدو أنه فوق المحاسبة"، وفق تعبيره. ولفت الحقوقي خالد البكاري الانتباه إلى أنّ هذه النازلة "انتهكت حقوق السجين، كما قررتها القواعد الدنيا لمعاملة السجناء، وانتهكت حرمة جسد شخص محروم من الحرية، وهي نازلة أثبتت لجوء أطراف إلى ممارسات حاطة بالكرامة من أجل التأثير على معنويات معتقل سياسي وأسرته، كما أنها أثبتت ازدواجية القضاء في التكييف القانوني لصالح من يروج لأطروحاته، وأخيرا فهي نازلة تعيد طرح سؤال ارتباط بعض المواقع بأجهزة معينة". ووصفَ البكاري تصوير الزفزافي ونشر صوره ب"الفضيحة"، التي تتقاسم مسؤوليتها ثلاثة أطراف، هي الإدارة العامة للسجون، والفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والنيابة العامة؛ "الأولى باعتبار أن ناصر كان معتقلا لديها، إلا إذا ثبت أن التصوير كان قبل أن تستلمه من الفرقة؛ والثانية باعتبار أن التصوير تم في مقرها، والأشخاص الذين صوروه تعرف هوياتهم، والثالثة لأنه ثبت أنها لم تقم بأيّ متابعة وبحث جدي في النازلة رغم خطورتها". وزاد البكاري: "نازلة فيديو ناصر تسائل عمل الأجهزة المشرفة على البحث والتحقيق، كما تسائل مدى استقلالية مؤسسة النيابة العامة، وعلاقة جزء من الصحافة بأجهزة أمنية، ليس كمصادر للخبر، بل كتوظيف في القتل الرمزي للمعارضين".