خرجت أطوار محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين، مؤسس جريدة "أخبار اليوم" المتابع أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، عن لباقتها، حين دخل المحامي عبد المولى الماروري، دفاع المتهم، والمحامي عبد الفتاح زهراش، عضو هيئة دفاع الطرف المدني، في مشادات وملاسنات كلامية. فقد شهدت الجلسة التي انعقدت لساعات طوال، الثلاثاء باستئنافية البيضاء، تراشق المحاميين ونعتهما لبعضهما بالكذب، خلال مرافعة ممثل النيابة العامة للتعقيب على الطلبات الأولية التي تقدم بها دفاع بوعشرين. وأمام هذا الوضع الذي لم يستسغه القاضي الحسن الطلفي، قرر هذا الأخير تضمين تلك الوقائع في محضر، بعدما وجه تحذيرا إلى المحامي عبد المولى الماروري، الذي يدخل في عادة مشادات مع دفاع المطالبات بالحق المدني. وعرفت الجلسة، التي لم تنته إلا في حدود العاشرة ليلا، تقديم المحامي سعد السهلي، عضو هيئة دفاع بوعشرين، دفوعاته، والتي أكد من خلالها على بطلان محضر الحجز والتفتيش الذي قامت به عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمكتب المتهم، معتبرا أنه شابتها خروقات قانونية. وأوضح المحامي، في هذا الصدد، بكون المحاضر المنجزة تبين بأن المسطرة التي توبع بها الصحافي بوعشرين، تلبسية، وهي بذلك تختلف عن مسطرة البحث التمهيدي؛ وهو ما أثر على حقوق المتهم في هذه الحالة، خصوصا أن ضباط الشرطة يتمتعون فيها بصلاحيات كبيرة تحولهم في أحايين كثيرة إلى شبه وكلاء عامين. ولَم يتوقف المحامي سعد السهلي عند هذا الحد فحسب، بل اعتبر أن المداهمة التي قامت بها الشرطة القضائية لمكتب توفيق بوعشرين، بعمارة الحبوس بشارع الجيش الملكي بالدار البيضاء، تم بدون إذن من لدن الوكيل العام للملك، مشيرا إلى أنهم استندوا في ذلك على تعليمات شفهية. وسجل المحامي نفسه وجود تناقضات عديدة في محضر الحجز، حيث تحدث عن كون الخبرة التي أجراها الدرك الملكي تشير إلى وجود سلم كهربائي بطول 14 مترا؛ غير أن المحضر لم يؤكد وجوده، إلى جانب كون المراجع المتعلقة بحجز جهاز DVR، التي قدمت إلى المحكمة مغايرة لتلك التي أظهرتها الخبرة. ورفض دفاع بوعشرين الأقراص المدمجة التي تتوفر عليها المحكمة على أساس كونها فيديوهات، مؤكدا أنها لم تكن موجودة خلال عملية الحجز، ناهيك عن أن عملية التفريغ التي تمت لها غير قانونية، مشيرا في هذا الصدد أيضا إلى كون مدة الفيديوهات تقدر بحوالي 15 ساعة؛ غير أن الضابط الذي قام بتفريغها قام بذلك في 12 ساعة، وهو ما يثير الاستغراب، حسب المحامي السهلي. وبخصوص الكاميرات، لفت الدفاع دائما إلى أن المحكمة عاينت كاميرا وحيدة سوداء وهو نفس الأمر الذي سجلته الخبرة، فيما المحاضر بحسبه تتحدث عن وجود كاميرتين سوداء وبيضاء وهو ما يعد تناقضا. وتدخل محمد المسعودي، ممثل النيابة العامة، الذي التمس من المحكمة رفض جميع الطلبات التي تقدم بها دفاع الصحافي، قبل أن يؤكد تعقيبا على حديث محاميي بوعشرين عن البلاغات التي سبق للنيابة العامة إصدارها بمجرد اعتقاله، بكونها كانت تنويرا للرأي العام ولَم تعرف تسجيل أي خرق في حقوقه. وفِي خطوة أثارت الانتباه، شدد المسعودي، في مرافعته التي سيكملها الأسبوع المقبل، على أن النيابة العامة مستعدة لإعادة تمثيل الجريمة في حالة ما اعترف المتهم بجرائمه.