أعرب أطباء العيون بالمغرب عن إدانتهم الواسعة ل"ضغوط لوبي الشركات المحلية والخارجية لصناعة الزجاج"، داعين البرلمان إلى "الحفاظ على مبدأ الفصل بين الوصفة الطبية البصرية وبيع النظارات"، مشددين على أن "قياس البصر عمل طبي محض، يقع ضمن مجال اختصاصهم بموجب القانون المنظم لممارسة الطب". صرخات أطباء العيون بخصوص الجدل الدائر في الفترة الأخيرة بخصوص الصلاحيات المخولة للنظاراتيين، أطلقوها في ندوة نظمت بالدار البيضاء، أكدت أن "الفحوصات البصرية التي يقوم بها النظاراتيون لا تسمح بالكشف عن الأمراض الصامتة". ومن ثم، فإن دور النظاراتي، حسب أطباء العيون، يتجسد فقط في "تنفيذ الوصفات الطبية البصرية وعدم القيام بأعمال التشخيص وتصحيح رؤية المرضى". محمد حنين، أستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط، أجاب عن سؤال عام: ماذا يقول القانون في الموضوع؟، بالقول "استغربت الحديث عن المبصاريين في المغرب، لأنه من خلال الدراسات القانونية التي قمت بها اتضح أن المهنة غير مقنّنة، على اعتبار أن مفهوم المبصاري غير موجود بالمغرب، بل نتحدث فقط عن النظاراتي". وأضاف الأستاذ الجامعي أن "قانون سنة 1954 نظم فقط كيفية تعاطي مهنة بيع النظارات بالتقسيط، كما لا يوجد أي بند يمنح مهمة قياس النظر للنظاراتيين، بل يكتفي فقط بإعطاء تعريف للمهنة وكيفية ممارستها وشروط الترخيص لبيع النظارات"، مبرزا أن "الأمر يتعلق بمغالطات كبيرة يمكن أن تكون لها نتائج وخيمة على صحة المواطن"، ومشيرا إلى كون "قياس البصر لا يعد عملية تقنية". المادة الخامسة من ظهير 4 أكتوبر 1954 التي تستدل بها الهيئات الوطنية التي تدافع عن حقوق المبصاريين المغاربة، يؤكد أطباء العيون أنها "لا تشير في أي وقت إلى أي حق يتعلق بفحص عيون المرضى، بل على العكس تشير إلى ضرورة العمل فقط بالوصفات الطبية، بينما تتعلق الاستثناءات المذكورة بتجديد النظارات على أساس الوصفات الطبية القديمة، وليس قياس التصحيحات البصرية الجديدة من قبل النظاراتي". من جانبه، أوضح البروفيسور محسن البقالي، الاختصاصي في طب العيون، أن "سلامة النظر لا تعني سلامة البصر، بحيث يجب أن نستوعب جميعا ثقل 13 سنة من التكوين بعد الحصول على شهادة البكالوريا، وما يرافق ذلك من معطيات علمية دقيقة"، مبرزا أن "المغرب انتقل من مركزين جامعيين استشفائيين إلى عشرة خلال العقد الأخير، إلى جانب العدد المحترم من الأطباء"، متسائلا عمّا أسماه ب"مفارقة التقدم العلمي والطبي مقابل استمرار هذه الممارسات". ومضى مسترسلا: "في السابق، لم نلمس هذا الهيجان والصراع، ما مرده أساسا إلى تكاثر مدارس النظاراتيين، التي انتقل عددها من خمسة إلى ما يقرب ثلاثين حاليا، ما ينتج نحو 300 نظاراتي، في ظل غياب دفتر تحملات محدد"، معتبرا أن "الأمانة العامة للحكومة تتحدث عن وجود 1609 نظاراتيين منذ سنة 2000، في حين يقولون إن عددهم يناهز ال4000". وأكد البروفيسور، الذي تطرق إلى طبيعة تكوين طبيب العيون للتدليل على أن "قياس النظر عمل طبي محض"، أن "النقاش الدائر حاليا تجاري بالدرجة الأولى، في حين نطالب بأن يكون ذا بعد طبي بالأساس"، مشددا على أن "اللوبيات الدولية لصناعة الزجاج دخلت على الخط، لأن المواطن بات يذهب إلى النظاراتي أكثر من طبيب العيون، الأمر الذي جعل من المجال فرصة سانحة للربح". ويرى البقالي أن "الأمانة العامة للحكومة لا تعترف بالمِبصاري، ومن ثمة فالهيئات المدافعة عما يُسمونه بالمكتسب هي جهاز غير موجود بالأصل"، منبها إلى "غياب مباراة الولوج وامتحانات التخرج وانعدام الحضور الإجباري في المدارس المخصصة لتكوين النظاراتيين، ما جعل الدولة لا تفتح مباريات مخصصة للنظاراتي". أما الدكتور ياسر الرفاعي، الاختصاصي في طب وجراحة العيون، فقد لفت الانتباه إلى كون "دافِع النقاش يكمن في ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة بالنسبة إلى النظاراتيين"، موردا أنه "من بين الأمراض الصامتة التي تهدد المريض، نجد مرض الزرق (Glaucome) الذي يعاني منه قرابة 600 ألف مغربي، على الرغم أن المريض قد يكون قياس النظر لديه يصل إلى عشرة على عشرة". وتابع: "هنالك أمراض أخرى تتعلق بالاعتلالات الشبكية الناتجة عن مرض السكري، ثم الثقوب والتمزقات والانفصالات الشبكية وأورام القزحية وأورام الدماغ وغيرها، بحيث يمكن أن تؤدي إلى ضرر عميق على مستوى العين أو عمى لا رجعة فيه، على الرغم من أن حدة البصر هي 10/10، والأمر نفسه ينطبق على تركيب العدسات التي تستلزم طرق علمية محددة؛ لكن التطاول على هذه الاختصاصات يؤدي لمضاعفات سلبية خطيرة".