بعد 26 عاما على رأس الحكومة المحلية لجزر الكناري، تم إجبار الحزب القومي "ائتلاف كناريا"، الذي يمثل وسط اليمين، على المغادرة وترك تدبير الشأن العام بهذه الجهة التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي؛ كنتيجة طبيعية للاتفاق الذي جرى توقيعه يوم الخميس الماضي بين الحزب العمالي الاشتراكي الإسباني من جهة وثلاثة أحزاب أخرى هي: ائتلاف "نويبا كناريا" و"أونيداد بوديموس" الذي يمثل أقصى اليسار بالإضافة إلى التجمع الاشتراكي لغوميرا "آ جي سي". وجاء هذا الاتفاق المفاجئ الذي تم بمقتضاه إزاحة "ائتلاف كناريا" من رئاسة الحكومة المحلية للأرخبيل بعد عدة أسابيع من المفاوضات بين مختلف الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان المحلي في أعقاب الانتخابات الجهوية التي جرت يوم 26 ماي الماضي والتي تعد أول استحقاقات يتم تنظيمها في إطار النظام الجديد للحكم الذاتي الذي أضحت جزر الكناري تخضع له. وبمقتضى هذا الاتفاق، سيعود منصب رئيس الحكومة المحلية إلى أرخبيل الكناري إلى آنخيل فيكتور طوريس، الأمين العام للحزب العمالي الاشتراكي بجزر الكناري والذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الجزيرة أو ما يعرف ب"الكابيلدو" في جزيرة غران كناريا. وسيصبح فيكتور طوريس، بموجب هذا الاتفاق، ثاني رئيس اشتراكي للحكومة المحلية بجزر الكناري بعد خيرونيمو سافيدرا الذي ترأس السلطة التنفيذية الجهوية بالأرخبيل خلال الفترة ما بين عامي 1983 و1987 ثم بين عامي 1991 و 1993. وقد وجد "ائتلاف كناريا"، الذي غادر السلطة، نفسه، بمقتضى الاتفاق الموقع بين الأحزاب السياسية الأربعة، بدون ممثلين في السلطة التنفيذية الجهوية، لأول مرة منذ إنشائه في عام 1993؛ وهو ما سيجبره على الخروج إلى المعارضة والاصطفاف إلى جانب الحزب الشعبي (يمين) وحزب (سيودادانوس) الذي يمثل وسط اليمين. وفاز الحزب العمالي الاشتراكي، الذي حصد أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الجهوية ليوم 26 ماي سواء على مستوى جزر الكناري أو على المستوى الوطني في هذه الاستحقاقات التي تزامنت مع الانتخابات الأوروبية، ب25 من أصل 70 مقعدا يتشكل منها البرلمان المحلي للأرخبيل. واضطر الاشتراكيون في ظل غياب الأغلبية المطلقة (36 مقعدا) إلى التفاوض مع باقي الأحزاب السياسية الأخرى الممثلة في البرلمان الجهوي؛ وهي المفاوضات التي لم تكن سهلة، خاصة بالنظر إلى التحالفات التي تم عقدها في بعض المدن والبلديات بين ممثلي أحزاب اليسار واليمين. كما أن التعقيدات، التي تميز النظام الانتخابي في جزر الكناري الذي تم تعديله بموجب النظام الأساسي الجديد للحكم الذاتي بالجهة من خلال الرفع من عدد أعضاء البرلمان المحلي إلى 70 نائبا، جعلت من الصعب للغاية أو من شبه المستحيل على أي حزب أن يحصل على الأغلبية المطلقة في هذه الهيئة التشريعية الجهوية. وعلى أرض الواقع، لم يتمكن أي حزب سياسي بجزر الكناري خلال الاستحقاقات العشر التي شهدتها جزر الكناري في السنوات الماضية من الحصول على الأغلبية المطلقة؛ وهو ما فسح المجال دائما لتشكيل حكومات محلية ائتلافية، سواء بين حزب "ائتلاف كناريا" أو الحزب الشعبي أو مع أحزاب سياسية أخرى؛ من بينها الحزب العمالي الاشتراكي والأحزاب القومية الكنارية الصغيرة. *و. م .ع